للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ في كتاب أبيه أو غيره، ليشهد له ذلك بصحة السماع في مستأنف عمره، وأكثر سماعات الناس في عصرنا وكثير من الزمان قبله بهذه السبيل.

ولهذا ما نا (١) الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن عتاب بلفظه وغيره، عن الفقيه أبي عبد الله أبيه أنه كان يقول: لا غنى في السماع عن الإجازة لهذه العلل والمسامحة المستجازة.

ونا أحمد بن محمد الشيخ الصالح، عن الحافظ أبي ذر الهروي إجازة قال: نا الوليد بن بكر المالكي قال: نا أحمد بن محمد أبو سهل العطار بالإسكندرية قال: كان أحمد بن ميسر يقول: الإجازة عندي على وجهها خير وأقوى في النقل من السماع الرديء.

وهبك صح هذا كله في مراعاة صدق الخبر، أين تحري المروي وتعيين المخبر؟

لا جرم بحسب هذا الخلل، وتظاهر هذه العلل، ما كثَّر في المصنفات والكتب التغير والفساد، وشمل ذلك كثيرًا من المتون والأسناد، وشاع التحريف وذاع التصحيف، وتعدى ذلك منثور الروايات إلى مجموعها، وعلم أصول الدواوين مع فروعها، حتى اعتنى صبابة (٢) أهل الإتقان والعلم، وقليل ما هم، بإقامة أودها ومعاناة رمدها، فلم يستمر على الكافة تغيريها جملة، لما أخبر عن عدول خَلَفِ هذه الأمة، وتكلم الأكياس والنقاد من الرواة في ذلك بمقدار ما أوتوه، فمن بين غالٍ ومقصر ومشكور عليم، ومتكلف هجوم، فمنهم من جسر على إصلاح ما خالف الصواب عنده، وغيَّر الرواية بمنتهى علمه وقَدْر إدراكه، وربما كان غلطه ذلك أشد في من استدراكه، لأنه متى فتح هذا الباب لم يوثق بعد بتحمّل رواية، ولا أُنس إلى الاعتداد بسماع، مع أنه قد لا يسلم له ما رآه، ولا يوافق على ما أتاه، إذ فوق كل ذي علم عليم.


(١) (نا) في اصطلاح المحدثين تعني: حدثنا و (أنا) تعني أخبرنا.
(٢) (صبابة) الصبابة: الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>