فكثيرًا ما رأينا من نبَّه بالخطأ على الصواب فعكس الباب، ومن ذهب مذهب الإصلاح والتغيير فقد سلك كل مسلك في الخطأ ودلاه رأيه بغرور.
وقد وقفت على عجائب في الوجهين، وسننبه من ذلك على ما توافيه العبر، وتحقق من تحقيقه أن الصواب مع من وقف وأجحم، لا مع من صمم وجسر، وتتأمل في هذه الفصول ما تكلمنا عليه، وتكلم عليه الأشياخ والحفاظ، فيما أصلحه أبو عبد الله بن وضاح في الموطأ على يحيى بن يحيى فيمن تقدم، وعلى ما أصلحه القاضي أبو الوليد الكناني على هذه الكتب فيمن تأخر، وإظهار الحجج على الغلط في كثير من ذلك الإصلاح، وبيان صحة الرواية في ذلك من الأحاديث الصحاح، وكما وجدنا معظمًا من حفاظ المتأخرين المغاربة أصلًا، البغداديين نَزلًا، قد روى حديث جليبيب وقول المرأة: أجُلَيْبيب إنيه؟ فقيده: الجليبيب الابنة: لما كان الحديث في خطبة ابنة هذه المرأة، وهي قائلة هذا الكلام، ولم ينفهم لمن لم يعرف معنى: انيه وإلحاق بعض العرب هذه الزيادة الأسماء في الاستفهام عند الإنكار، ظن أنه مصحَّف من الابنة.
وكذلك فعل في حديث جويرية. وشك يحيى بن يحيى في سماعه اسمها في حديثه وقوله:"أحسبه قال: جويرية أو البتة: ابنة الحارث"، فقيده:"أو أليته" بفتح الهمزة وكسر اللام بعدها ياء باثنتين تحتها مخففة، وظنه اسمًا، وإنَّ شَكَّ يحيى إنما هو في تغيير الاسم لا في إثباته أو سقوطه، ويحيى إنما شك هل سمع في الحديث زيادة اسم جويرية أو إنما سمع ابنة الحارث فقط، ثم نفي الشك عن نفسه بعد قوله:"أحسبه قال: جويرية"، فقال:"أو ألبتة"؛ أي إني أحقق أنه قالها.
ومثل هذا في حديث يحيى بن يحيى كثير وسنذكر منه في موضعه إن شاء الله.
وكذلك روى حديث إدام أهل الجنة (بالامٌ) فقال بالأْيّ يعني: الثور.
وهكذا وجدت معظمًا من شيوخنا قد أصلح في كتابه من مسلم في