للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديث أم زرع من روايته عن الحلواني عن موسى بن إسماعيل عن سعيد بن سلمة في قوله: (وعَقْرُ جارتها) فأصلحه "وعُبْرُ" بالباء وضم العين إتباعًا لما رواه فيه ابن الأنباري، وفسره بالاعتبار أو الاستعبار على ما نذكره، إذ لم ينفهم له ذلك في عقر، والمعنيان بيّنان في عقر إذ هو بمعنى الحيرة والدهش، وقد يكون بمعنى الهلاك، وكله بمعنى قوله في الرواية المشهورة: (وغَيْظُ جارتها)، وسنبينه في موضعه بأشبع من هذا إن شاء الله في أمثلة كثيرة نذكرها في مواضعها إلا قصة جليبيب فهذا اللفظ ليس في شيء من هذه الأصول (١).

فبحسب هذه الإشكالات والإهمالات في بعض الأمهات، وإتفاق بيان ما يسمح به الذكر ويقتدحه الفكر مع الأصحاب في مجالس السماع والتفقه، ومسيس الحاجة إلى تحقيق ذلك، ما تكرر عليَّ السؤال في كتاب يجمع شواردها، ويسدد مقاصدها ويبين مشكل معناها، وينص اختلاف الروايات فيها، ويظهر أحقها بالحق وأولاها.

فنظرت في ذلك فإذا جمع ما وقع من ذلك في جماهير تصانيف الحديث، وأمهات مسانيده، ومنثورات أجزائه، يطول ويكثر، وتتبُّع ذلك مما يشق ويعسر، والاقتصار على تفاريق منها لا يرجع إلى ضبط ولا يحصر.

فأجمعت على تحصيل ما وقع من ذلك في الأمهات الثلاث، الجامعة لصحيح الآثار، التي أُجمع على تقديمها في الأعصار، وقَبِلَها العلماء في سائر الأمصار، الأئمة الثلاثة:

الموطأ لأبي عبد الله مالك بن أنس المدني. والجامع الصحيح لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. والمسند الصحيح لأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري.

إذ هي أصول كل أصل، ومنتهى كل عمل في هذا الباب وقول، وقدوة


(١) أخرج ابن كثير قصة جليبيب في تفسير الآية (٣٦) من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>