مدعي كل قوة بالله في علم الآثار وحول، وعليها مدار أندية السماع، وبها عمارتها، وهي مبادئ علوم الآثار وغايتها، ومصاحف السنن ومذاكرتها، وأحق ما صرفت إليه العناية وشغلت به الهمة.
ولم يؤلف في هذا الشأن كتاب مفرد، تقلد عهدة ما ذكرناه على أحد هذه الكتب أو غيرها، إلا ما صنعه الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في تصحيف المحدثين، وأكثره مما ليس في هذه الكتب. وما صنعه الإمام أبو سليمان الخطابي في جزء لطيف، وإلا نكتًا متفرقة وقعت أثناء شروحها لغير واحد لو جمعت لم تشف غليلًا، ولم تبلغ من البغية إلا قليلًا، وإلا ما جمع الشيخ الحافظ أبو علي الحسن بن محمد الغساني شيخنا ﵀ في كتابه المسمى بتقييد المهمل فإنه تقصى فيه أكثر ما اشتمل عليه الصحيحان، وقيّده أحسن تقييد، وبينه غاية البيان، وجوَّده نهاية التجويد، لكن اقتصر على ما يتعلق بالأسماء والكنى والأنساب وألقاب الرجال، دون ما في المتون من تغير وتصحيف وإشكال، وإن كان قد شذَّ عليه من الكتابين أسماء واستدركت عليه فيما ذكر أشياء، فالإحاطة بيد من يعلم ما في الأرض والسماء.
ولما أجمع عزمي على أن أفرِّغ له وقتًا من نهاري وليلي، وأقسم له حظًا من تكاليفي وشغلي، رأيت ترتيب تلك الكلمات على حروف المعجم؛ أيسر للناظر وأقرب للطالب، فإذا وقف قارئ كتاب منها على كلمة مشكلة، أو لفظة مهملة، فزع إلى الحرف الذي في أولها إن كان صحيحًا، وإن كان من حروف الزوائد أو العلل تركه وطلب الصحيح، وإن أشكل وكان مهملًا طلب صورته في سائر الأبواب التي تشبهه حتى يقع عليه هنالك. فبدأت بحرف الألف وختمت بالياء على ترتيب حروف المعجم عندنا (١).
ورتبت ثاني الكلمة وثالثها من ذلك الحرف على ذلك الترتيب رغبة في التسهيل للراغب والتقريب.
وبدأت في أول كل حرف بالألفاظ الواقعة في المتون المطابقة لبابه على
(١) ترتيب الحروف الذي أشار إليه المؤلف يختلف عن الترتيب المعروف المتداول هذه الأيام، وربما كان ذلك الترتيب متعارفًا عليه في بلاد المغرب، وكان غيره في بلاد المشرق.