للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حبس عمر. قوله: تصدق بأصله لا يباع ثمره، ولكن ينفق ويتصدق به، كذا في هذا الباب قيل: لعله وهم، وصوابه ما في غير هذا الباب، أي: تحبيس أصله، ويتصدق به، يريد بثمره والمراد بالصدقة في الحديث الأول الحبس، فبينه بقوله: لا يباع ثمره، وفي باب إقطاع النبي البحرين للأنصار (١)، فقالوا: حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها. فقال: ذلك لهم ما شاء الله، على ذلك يقولون له: قال فإنكم سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، الحديث كذا لكافة الرواة، وفيه تصحيف وتلفيف، وصوابه رواية ابن السكن: فقال لهم رسول الله ما شاء الله كل ذلك يقولون، ويحتمل أن قوله ذلك لهم تصحيف من لفظة النبي من ذلك أولًا وكلٌّ مر على ذلك والله أعلم.

وقوله: في التفسير: والقطر الحديد. المعروف أنه النحاس، وكذا ذكره في موضع آخر على المعروف. وفي الحديث في صفة موسى (٢): ضرب وهو ذو الجسم بين الجسمين. وقيل: القليل اللحم. وفي الرواية الأخرى بعد: إذا جعلناه بمعنى كثير اللحم كان بمعنى ضرب، وفي الآخر: مضطرب، وهو ضد الضرب والجعد، والمضطرب الطويل غير الشديد. وفي رواية أخرى، عند مسلم: جسيم سبط، فإن رددناه إلى الطول كان وفاقًا، ولا يصح صرف جسيم لكثرة اللحم، لأنه ضد ما تقدم وإنما جسيم في صفة الدجال، وقد تقدم شرح هذه الألفاظ في حروفها.

وفي حديث السقيفة: لقد خوّف عمر الناس (٣)، كذا لجميعهم، وكان في أصل الأصيلي: أبو بكر ثم كتب عليه عمر، ولم يغير أبا بكر والصواب عمر لأن ذكر أبي بكر جاء بعد هذا وبعده، وأن فيهم لنفاقًا فردهم الله بذلك، كذا جاءت هذه الجملة في جميع النسخ التي وقفنا عليها من البخاري، وذكرها أبو عبد الله بن نصر في اختصاره الصحيح، بغير هذا اللفظ، وإن فيهم لتقي فأفردهم الله بذلك، فلا أدري أهو إصلاح منه أو من غيره، أو رواية أو إحالة من الرواة له، وكأنه أنكر النفاق عليهم حينئذ، ولا ينكر كونه في زمنه ، وبعد موته ذلك. وقد ظهر في أهل الردة وغيرهم، ولا سيما عند الحادث العظيم، من موته ، الذي أذهل عقول جُلَّ الصحابة، فكيف ضعفاء الإيمان والقلوب من سواد الناس والأعراب، والصواب عندي: ما في النسخ واتفقت عليه روايات شيوخنا. وفي مناقب سعد ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه (٤)، كذا في جميع النسخ. قال بعضهم: وهو وهم والصواب: إسقاط إلا.

قال القاضي : وكأنه حمل الكلام على ظاهر عمومه، وهو تأويل بعيد، والصواب عندي ما جاءت به الرواية بإثباتها، ومقصده ما أسلم أحد قبل إسلامي إلا من أسلم معي يوم إسلامي، وبدليل قوله: ولكن مكثت سبعة وإني لثلث الإسلام، وفي حديث حذيفة: فرجعت


(١) البخاري في الجزية باب ٤.
(٢) انظر البخاري في أحاديث الأنبياء باب ٢٤.
(٣) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب ٥.
(٤) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب ١٥، ومناقب الأنصار باب ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>