للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي قتادة: وقال لي عبد الله بن صالح: فقام النبي فأداه إليَّ. كذا لأبي ذر والنسفي وعند الأصيلي: إلى من له بيِّنة. وكلاهما صحيح.

وفي حديث ابن عمر: إنك لضخم أَلَّا تدعُني أَسْتَقْرِئُ لك الحديث (١). كذا رويناه وقيدناه عن الأسدي بتشديد اللام وضم العين وفتح ما بعدها، أي إن جفاءك وغباوتك يحملانك على العجلة لتركك استماع حديثي وقطعه عليَّ بقوله: ليس عن هذا أسألك. فأنت ضخم جاف من أجْل فعلك هذا، فيكون بمعنى التي للوم والعرض، ورواه بعضهم: أَلَا. بمعناها للعرض والتحضيض. وعند ابن الحذَّاء ألا تدعُني أستقرئ بضمهما. وقوله: إلا يشِفُّ فإنه يصف، بكسر الهمزة أي: إنْ لم يكن لخفته يشف أي يُبدي ما وراءه ويظهره فإنه يصف ما تحته برقته بانضمامه عليه أي يظهره كوصف الواصف لذلك.

وفي باب من ملك من العرب رقيقًا: نا ابن عون كتبت إلى نافع فكتب إليَّ. كذا لأبي ذر والأصيلي وجمهورهم، ولبعضهم: كتب إليَّ نافع. على الاختصار، والأول معروف وكذا ذكره البخاري في تاريخه مبينًا: كتبتُ إلى نافع أسئلة فكتب إليَّ.

وفي الجلوس في الأفنية: فإن أبيتم إلا المجلس (٢). كذا هو حيث وقع وهو الصواب، وجاء في باب الجلوس في الأفنية لسائر رواة البخاري: فإن أتيتم إلى المجالس. من الإتيان وهو تغيير وقد ذكرناه قبل.

وفي حديث موسى والخضر: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا ما نقص هذا العصفور من هذا البحر (٣). ذكر بعضهم أن إلا هنا بمعنى ولا، أي ما نقص علمي ولا علمك، ولا ما أخذ من البحر العصفور، شيئًا من علم الله، أي أن علم الله لا يدخله نقص وقد قيل في قوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ [النساء: ٩٢] نحو هذا، وإنما هو عند المحققين استثناء من غير الجنس بمعنى لكن. قال القاضي : وهذا غير مضطر إليه إذ معنى الحديث على لفظه وصحة الاستثناء على ظاهره صحيح بَيِّنْ وأولى مما ذكر وأصح، وإنما المقصود بالحديث التمثيل لعدم النقص إذ ما نقصه العصفور من البحر لا يظهر لرائيه فكأنه لم ينقص منه فكذلك هذا من علم الله، أو يكون راجعًا إلى المعلومات أي أن ما علمت أنا وأنت من جملة المعلومات لله التي لم يُطلع عليها، في التقدير والتمثيل للقلة والكثرة كهذه النقطة من هذا البحر، وذكر النقص هنا مجاز، على كل وجه محال في علم الله تعالى ومعلوماته في حقه، وإنما يتقدر في حقنا، ويدل على هذا قوله في الرواية الأخرى: ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره (٤). وكذلك قوله: لن تمسه النار إلا تحلة


(١) أخرجه مسلم في المسافرين حديث ١٥٧.
(٢) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري في العلم باب ٤٤، وأحاديث الأنبياء باب ٢٧ وتفسير سورة ١٨، باب ٢، ومسلم في الفضائل حديث ١٧٠.
(٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٨، باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>