للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها من العول، وهو القوت، كما جاء في الرواية الأخرى: فغذاها، وفي الأخرى: فعلمها فأحسن تعليمها فقد جمع الروايتين، يقال: عال عيالهم يعولهم إذا مانهم وكفاهم معاشهم، وعال الرجل يعيل: افتقروا، وأعال يعيل: كثر عياله، ومن الأول قوله وأبدًا بمن تعول. وفي حديث إسلام أبي ذر، وخبره مع علي ، حتى إذا كان في اليوم الثالث فعل علي مثل ذلك فأقامه معه، كذا لابن السكن ولغيره من رواة البخاري: قعد على مثل ذلك، وله وجه. وفي مسلم: فعل مثل ذلك فأقامه علي، وهذا أبين وأظهر مع رواية ابن السكن، وبعده عند الأصيلي: فأقامه معه، وعند غيره: فقام والأول الصواب. وفي الموطأ في الصلاة على النبي ، عن ابن عمر: فيصلي على النبي، وعلى أبي بكر وعمر، كذا ليحيى، ولغيره: يدعوا لأبي بكر وعمر، ذكرناه في حرف الدال.

وقوله: ولا تضن علي بها (١)، كذا لابن وضاح ولعبيد الله عني وهما بمعنى صحيحان أي: تبخل علي وعني. قال الله ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [محمد: ٣٨].

وقوله: في باب التوبة: كتمت عليكم حديثًا، كذا للطبري، ولغيره: عنكم (٢) وهما بمعنى كما تقدم ومثله قوله: لولا أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عليه (٣)، كذا للأصيلي ولأبي ذر، وغيره: عني. وفي الحلاق: وقال بيده على رأسه، كذا لبعض الرواة، والذي عند شيوخنا عن مسلم، عن رأسه، وكلاهما صحيح. وقال: هنا بمعنى جعل، أو أشار كما قال في الرواية الأخرى، وأشار بيده فعلى هنا إذا جعلناها على بابها من العلو أي: جعله على ذلك الجانب، حتى فرغ الحلاق من الجانب الآخر ليقسمه بين أصحابه، كما جاء في نفس الحديث، وقد تكون عن هنا بمعنى إلى أو بمعنى اللام -كما تقدم- وأما رواية عن فبمعنى على، كما ذكرناه، وقد تكون على بابها أي أزال يده عنه ليحلقه الحلاق بعد إمساكه عليه، لما ذكرناه من قسمة شعر شقيه على أصحابه كما بينه في نفس الحديث.

وقول عائشة: فلم أنشبها حتى أنحيت عليها (٤)، ويروى: أثخنث (٥)، قد ذكرنا هذا اللفظ، والخلاف فيه في حرف التاء والخاء، وفي حرف الحاء، وفي حرف النون، والذي يظهر في صوابه عندي أن عليها تصحيف من غلبة، وأن قوام الكلام ما جاء في الحديث بعده، فلم أنشبها حتى أثخنها غلبة -والله أعلم- ويحتمل أن تكون عليها بمعنى الباء أي: أوقعت بها كما قال:

يفيض علي القداح ويصدع (٦)


(١) أخرجه مالك في الجمعة حديث ١٦.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في التوبة حديث ٩.
(٣) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٤) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة حديث ٨٣.
(٥) انظر الحاشية السابقة.
(٦) البيت بتمامه:
وكأنهنّ ربابةٌ وكأنّه … شرٌّ يفيض علة القداح ويصدعُ
والبيت من الكامل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>