هاهنا مس غير النوعين، وهو المعانقة، والمس سائر البدن، ولأن الآية صريحة في المس باليد كناية عن الجماع، واللفظ الواحد عندنا ما لا يحتمل الصريح والكناية، فلم يبق إلا حملها على أحدهما، فكان حملها على الجماع أولى؛ موافقة للقراءة الأخرى، ولأن ابن عباس قال: إن الله تعالى يكني بالحسن عن القبيح، وإنه كنى بالمس عن الجماع، والإخبار عما أراد الله تعالى لا يعلم إلا بالتوقيف، فكأنه رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأن من قال من الصحابة: إن الجنب يتيمم، حمل الآية على الجماع، ومن قال: لا يجوز التيمم، حمل الآية على المس باليد، فمن حمل الآية عليهما؛ فقد خالف إجماعهم، ولأن الله تعالى بين عند وجود الماء الطهارة الصغرى والكبرى، ولم يفصل بيان أنواع الحدث، والظاهر أنه لما بين عند عدم الماء حكم الطهارة، وأنه بين الطهارتين ولم يفصل الأحداث، وفي جملة ما يقوله مخالفنا، يدل بيان الجنابة عند عدم الماء وتفصيل الأحداث التي لم تقصد بالآية، ولا يقال: لو كان المقصود ما ذكرتم لفصل الجنابة من الحدث في التيمم كما فصل بينهما في الابتداء، فلما جمع الجميع عند عدم الماء بلفظ واحد؛ علم أنه ما يوجب الوضوء خاصة؛ وذلك لأنه فصل بينهما عند وجود الماء لاختلاف الواجب في الغسل، وجمع بينهما عند عدمه لاتفاق الواجب في التيمم.
٥١٦ - قالوا: روى الشافعي عن زيد بن أسلم ترتيب الآية.
قالوا: تقديرها إذا قمتم إلى الصلاة من النوم، أو جاء أحد منكم من الغائط،