على أن نهيه [عليه الصلاة والسلام] عن بيع الرطب بالتمر نسيئة دليل على أصلهم: أنه يجوز بيعه نقدًا، ودليل الخطاب عندهم نطق خاص.
١١١٦٨ - ومنهم من قال: هو كالقياس ونهيه [عليه الصلاة والسلام] عن بيع الرطب بالتمر عام، والنطق خاص، والقياس أن كل واحد منهما أولى من نطق العام.
فإن قيل: لما علل النهي عن بيع الرطب بالتمر؛ لأنه ينتقص إذا جف، صار هذا نطقًا خاصًا، فكأنه قال: لا يباع الرطب بالتمر؛ لأنه ينقص إذا جف، فتعارض نطقان خاصان على أحد الوجهين، فالمعلل أولى، وعلى الوجه الآخر النطق الخاص أولى من القياس.
١١١٦٩ - قلنا: اللفظ العام إذا كان معللًا لم يصر خاصًا بل هو على عمومه، والعلة المنصوصة كالنطق العام يرد عليها التخصيص بالقياس، فأما على الوجه الآخر فقد تعارض نطقان خاصان، فيتوقف فيهما.
١١١٧٠ - فإن قيل فالمعلل أولى.
١١١٧١ - قلنا: هذه العلة بالخبر المتفق على صحته، وبالإجماع.
والخبر المتفق عليه [الصلاة و] السلام: (التمر بالتمر مثلًا بمثل)، وهذا يقتضي جواز بيع الجديد بالعتيق وإن كان ينقص إذا جف، وقد أجمعوا على جواز ذلك فبطلت العلة بالنص والإجماع؛ فلم يجز إلا فرع الحكم وبقي النطق يعترضه الدليل على أصلهم.