للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهما غير الآخر، ولو ثبت أنه خبر واحد لم يمتنع الاستدلال، لأنه - صلى الله عليه وسلم - حكم بجوار الصلح وهذا عام، ثم استثنى صلحا بصفة خاصة، فإن لم يثبت أن الصفة موجودة فيه لم يخرج من الخبر. وقد اختلفنا في الصلح على الإنكار، هل وجدت فيه صفة الاستثناء، فلم يجز إخراجه من الخبر.

١٤٥٢٦ - فإن قيل: الدليل على وجود الصفة فيه: أن المدعي إما أن يكون صادقًا أو كاذبًا؛ فإن كان صادقًا وقد حرم عليه العقد أخذ بقية حقه، وكان حلالًا له، فقد حرم عليه حلالًا، وإن كان كاذبًا فقد أخذ ما لخصمه، وهو حرام عليه، فأحل العقد له حرامًا.

١٤٥٢٧ - قلنا: لا يجوز حمل الخبر على تحريم أوجبه العقد، أو تحليل أوجبه، لأنه لو كان كذلك لم يجز الصلح بعد الإقرار أيضا. ألا ترى: أنه إن صالحه على غير جنس حقه فقد أحل له الصلح ما كان حرامًا، وهو العين المعقود عليها، وإن وقع على جنس حقه فقد أحل له الصلح ما كان حرمًا، وهو العين المعقود عليها، وإن وقع على جنس الحق حرم حلالًا، وهو الباقي من حقه، فعلم أن المراد بالخبر غير ما ظنوه، وهو تحليل حرام لا يجوز استباحته بالعقد، أو تحريم حلال لا يجوز تحريمه بالعقد الأول، مثل: أن يصالحه المدعي على قطع يد المدعى عليه، أو يدعي قصاصًا في اليد فيصالحه على قطع عضو آخر، أو يصالح على خمر أو خنزير، أو يصالح المطلقة ثلاثًا على أن يتزوجها، أو يصالح المرأة على أن يزيدها في القسم، هذا كله لا يجوز استباحته بالعقد.

١٤٥٢٨ - النوع الثاني: إذا صالحه على عبد لا يبيعه، أو دار لا يسكنها، فهنا صلح حرم حلالًا لا يجوز تحريمه بالعقد، فأما المال فيجوز تحليله وتحريمه بالعقد، فيجوز الصلح عليه.

١٤٥٢٩ - وأما قولهم:- (إن المدعي إذا كان كاذبًا فقد أحل الصلح حرامًا) -، فههنا الصلح باطل عندنا، ويدل عليه: إجماع الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>