المعنى لم يوجد من جهتها، كما نقول في الله تعالى: يَكبر ويَعظُم وهو ممن يصح منه الفعل وإن كان لم يحدث هذا المعنى. وإذا احتملت أحدى القراءتين رتبت على ما لا يحتمل، وجعلت كالشيء الواحد على أصلنا أن القراءتين لا تجعل كالآيتين، ولو جعلناها كالآيتين حملنا أحداهما على من كان أيامها أقل من أكثر الحيض، وحملنا الأخرى على من كان أيامها أكثر الحيض؛ فيؤدي إلى استعمالهما.
١٤٥٥ - ولا يقال: إن هذا يقتضي ترك العموم فيهما؛ لأنهم إذا استعملوها تركوا ظاهر أحدهما، وهو قوله:{حتى يطهرن}، وضموا إلى الغاية شرطًا آخر، وهو: الاغتسال.
١٤٥٦ - وكذلك يضمرون في القراءة الأخرى الانقطاع؛ لأن قوله:{يطهرن} إذا أفاد الاغتسال عندهم فلا بد من الانقطاع معه، فقد تساوينا في ترك الظاهر، فأما الغاية الثانية فهو كلام مبتدأ غير متعلق بما قبله، وذلك لأن الله تعالى لما أباح الوطء بعد الطهارة، أراد أن يبين أن الإباحة تختص بموضع دون موضع حتى لا يعتبر العموم فقال:{فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}، يبين هذا أن الغاية من حكم ما بعدها أن تخالف ما قبلها، فلو دخلت الغاية من حكم ما بعدها أن تخالف ما قبلها، فلو دخلت الغاية الثانية على الأولى أبطلتها وخرجت من أن تكون غاية، فمن نفى ظاهرها أولى، ولأنا نستعمل الغايتين على فائدتين، فهو أولى من إثبات فائدة واحدة.
١٤٥٧ - ولأن الله تعالى قال:{ولا تقربوهن حتى يطهرن} ثم قال: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}، ولو أراد أن يجعل الغايتين واحدة لأعاد الحكم الأول،