والكلام في الأولى منهما، فالبياض أولى لأن الاسم قيل: إنه مأخوذ من الرقة، ومنه: شفقة القلب ونور شفق، وآخر البياض أرق، فكل حمل الاسم عليه أولى. وقد قيل: إنه مأخوذ من أواخر الشيء وما يخاف فوته، ولهذا يقال: فلان شفق من حياته، والبياض يتأخر، فحمل الاسم عليه أولى. ولأن البياض لا يوجد إلا ويتناوله الاسم، والحمرة توجد نهارا ولا تسمى شفقا، فكان ما يتناوله الاسم بكل حال أولى.
١٦٧٥ - احتجوا: بما روى جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء قبل أن يغيب الشفق. ولا يجوز أن يكون المراد به الحمرة، فلم يبق إلا البياض.
١٦٧٦ - والجواب: أن الجماعة روت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء بعد ما غاب الشفق، والألف واللام للجنس، فيقتضي البياض والحمرة جميعا، فإذا روى جابر ما يخالف الجماعة حمل على الشفق الذي هو بياض الجو، وذلك لا يغيب إلى آخر الليل.
١٦٧٧ - ولا معنى لقولهم: إنا لا نعلم أن ذلك يسمى شفقًا؛ لأن الخليل سماه، وقوله حجة، ثم هذا الخبر لا دلالة فيه على أصلهم؛ لأن جابر لم يحك المداومة، وإنما ذكر مجرد الفعل، فيجوز أن يكون صلى العشاء في وقت المغرب على طريق الجمع عندهم فلم يمكنهم الاستدلال به مع الاحتمال.
١٦٧٨ - قالوا: روى النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العشاء لغيبوبة