١٩٣٤ - قلنا: لا فرق بينهما؛ لأن المكان بني على الاجتهاد في مسألتنا فصار كالزمان هناك، والمكان هناك بنى على اليقين فصار كالوقت في مألتنا، فالواجب اعتبار معنى المسألتين دون صورتهما. ولأن فرض التوجه بني على الاجتهاد؛ بدلالة أن من غاب عن الكعبة لا يتوصل إلى فرضه يقينا وإنما فعله باجتهاد، فإذا أخطأ فقد انتقل من اجتهاد إلى اجتهاد فلا ينسخ الأول، كالحاكم إذا حكم باجتهاد ثم بان له اجتهاد آخر، ولا يلزم إذا كان بمكة؛ لأنا نقول: يعيد، على ما قاله أبو بكر؛ لأنه انتقل من اجتهاد إلى يقين.
١٩٣٥ - ولا يقال: لأن الخطأ يعد على وجه قد يؤمن مثله في القضاء؛ ألا ترى أنه متى رأى هلال ذي الحجة أمكنه أن يقف بيقين؟ وهذا معنى مجوز ومع ذلك لا يلزمه القضاء. ثم المعنى في الثوب أن المقصود منه ليس هو الاجتهاد، وإنما المعتبر استعمال الثوب الطاهر؛ ألا ترى أنه لو صلى فيه من غير تحر جازت صلاته؟ والمقصود في القبلة الاجتهاد دون إصابة عينها؛ ألا ترى أنه لو صلى إليها من غير اجتهاد لم تجز صلاته، فإذا فعل الاجتهاد فقد حصل المقصود فلم تجب الإعادة؟ على أن قولهم في الصلاة يأمن مثله في القضاء غير مسلم؛ لأن القضاء ليس هو على الفور؛ فيجب أن يسافر ثم يقضي في السفر فيتفق له الغلط.