٢٥٩٥٠ - وقد تكلف بعض أصحابنا هذا الخبر، فقالوا فرق بينهما بمعنى منع من حبسها في منزله ومكنها من نفسها للتصرف، وتكتسب، كما يمكن العبد إذا لم ينفق عليه مولاه من الاكتساب حتى ينفق على نفسه
٢٥٩٥١ - فإن قيل: إذا ذكرت الفرقة من هذا الوجه فالظاهر أن المراد بها الطلاق أو الفسخ.
٢٥٩٥٢ - قلنا حقيقة الفرقة هو التفرق في المكان والتفريق في الحكم يتناول الاسم وليس أحدهما أولى من الآخر. وهذا التأويل عندي محظور من الدين، لأن التشاغل به يوهم أن هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
٢٥٩٥٣ - احتجوا: بما روي أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فإن لم يطلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
٢٥٩٥٤ - قالوا: وهذا يدل على أن من لم ينفق على زوجته يطالبه السلطان بفراقها.
٢٥٩٥٥ - قلنا: هؤلاء أجناد يلزم الإمام أن يعطيهم ما يكفيهم ويكفي عيالهم. ومن قدر على الإنفاق أجبر عليه ولم يفرق بينه وبين زوجته، وإنما أمرهم عمر أن ينفقوا لقدرتهم على ذلك، وأفتاهم أن يطلقوا إن لم يختاروا الإنفاق حتى لا يضيعوهن. وليس هذا موضع الخلاف.
٢٥٩٥٦ - احتجوا: بما روي أن الله تعالى: (خير نبيه - عليه السلام - بين أن يكون ملكًا شكورًا أو عبدا فقيرًا فاختار الفقر) فأمره ان يخير نساءه بين المقام معه والفراق فإذا ثبت لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفراق كذلك لنساء أمته.
٢٥٩٥٧ - قلنا: النبي - عليه السلام -: كان لا يعجز عن نفقتهن وكان يدخر لهن قوت سنة. وكيف يظن أنه لا يجد ما ينفق، وهذا بعضه يؤثر في الكفاءة، ولا يضاف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقصير، وإنما قال الله تعالى:(يأيها النبي قل لأزوجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن) لأن الزاهد لا يرغب في مصاحبة من يريد الدنيا وزينتها، فكأنه قال: إن كنتن تردن الدنيا رغبت عنكن، وهذا