للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٥٤٠ - قالوا: روي عن أنس بن مالك قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وأبا طلحة وسهل بن بيضاء من هذا الفضيخ، فأتاهم آتٍ فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: قم إلى هذه الجرار فاكسرها. فقمت إلى مهراس لنا فكسرتها.

٢٩٥٤١ - قلنا: لم يفهموا التحريم بالاسم لكن بالاستدلال. يبين ذلك: أنه كسروا الجرار وإن كان تحريم الخمر لا ينبئ عن ذلك، كذلك تركوا الشرب استدلالاً وإن لم يدل اسم الخمر على ذلك.

٢٩٥٤٢ - ويجاب عن جملة هذه الأخبار، فيقال: إذا كان الاسم تارة يطلق حقيقة وتارة مجازًا، فالوجه الذي يفصل بين الاسمين أن ما لزم مسمياته فلم ينتف عنها فهو حقيقة، وكل ما جاز انتفاؤه عن مسمياته بحال؛ فهو مجاز. ألا ترى أن الله تعالى قال: {يريد الله أن يخفف عنكم}. وكانت هذه الإرادة حقيقة، لأنك لو قلت: إن الله تعالى ليس بمريد. كنت مبطلاً، وقال تعالى: {جدارًا يريد أن ينقض}. فلو قلت: إن الحائط ليس بمريد. لكنت صادقًا، فلما قال تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر}. وكانت الخمر عصير العنب إذا اشتدوا الميسر القداح لم يحرم بذلك الحلو، وإن سمي خمرًا في قوله: {إني أريني أعصر خمرًا)؛ لأن اسم الخمر يبقى على العصير، فعلم أنه ليس بخمر على الحقيقة. كذلك ما ورد في الأخبار بتسميته خمرًا، إنما هو استعارة شرعية، فلا يحمل اسم الحقيقة عليها، لأن الأمر يجوز أن ينتفي عن جميعها.

٢٩٥٤٣ - قالوا: الخمر سميت خمرًا، لمخامرتها العقل.

٢٩٥٤٤ - قلنا: أجمع أهل العربية أن الاشتقاق لا يطرد، وأنهم سموا النجم نجمًا لظهوره، ولا يسمون كل ظاهر نجمًا، وقالوا للجنين جنينًا لا ستتاره ولا يسمون كل مستتر جنينيًا. وأهل الاشتقاق بينوا أنه لا يطرد وبينوا ذلك وقالوا: أنهم سموا [العبور عيوقا]، لأنه عاق عن الثريا فمنع ضوءه وإن شاهد نجومها، ولم يطرد هذا. وقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>