٣١٥١٣ - ولأن كل حكم تعلق بمعنى، زال بزواله إلا أن يلحقه معنى آخر يتعلق الحكم به، وقد زالت الضرورة التي أبيح لأجلها، فتزول الإباحة.
٣١٥١٤ - فإن قيل: لا يمتنع أن يختلف حكم الابتداء والبقاء، كما أن القادر على نكاح الحرة لا يتزوج الأمة، فإذا تزوجها وهو لا يجد الطول ثم وجد، لم يؤثر ذلك في نكاحها.
٣١٥١٥ - قلنا: عندنا تتساوى الحالتان ني مسألة الاستشهاد، فيجوز أن يتزوج أمة مع وجود الطول وتبقى على نكاحها معه، لكنا نسلم أن في الأصول ما يختلف فيه الابتداء والبقاء إذا كانت علة الابتداء غير موجودة ني حال البقاء، فأما إذا وجدت في الحالتين على وجه واحد مثل مسألتنا لم يختلفا.
٣١٥١٦ - ولأن هذا الكلام يصح فيما له ابتداء ومداومة، وكل جزء من الأكل ابتداء أكل؛ لأن الأكل ينقطع ثم يستأنف ما يتناوله، فهو ابتداء. وأي فرق بين أن يأكل الجزء الأول من طعام مباح، فكذلك هو في الآخر.
٣١٥١٧ - احتجوا: بقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عادٍ فلا إثم عليه}
٣١٥١٨ - قلنا: عندكم تقدير الآية: فلا إثم عليه في الأكل. وعندنا: فلا إثم عليه فيما يدفع الضرورة. وما أضمرناه أولى؛ لأن المضطر قد يضطر إلى أكلها وإلى الاستصباح بودكها وإلى لبس جلدها ليدفع الحر والبرد، وهذا حكم تبيحه الضرورة المذكورة، فإضمارنا بدفعها أولى من إضمار الأكل الذي لم نجد له ذكرًا.
٣١٥١٩ - ولأنه قال:{غير باغٍ ولا عادٍ}. أي: باغ في الأكل، ولا متعدٍ فيه. ومن تجاوز قدر الضرورة، فقد اعتدى عندنا.
٣١٥٢٠ - وزعم مخالفنا أن المراد: غير باغ على الإمام.
٣١٥٢١ - وإذا اختلفا في ذلك، لم نسلم الإباحة إلا بعد ارتفاع البغي.
٣١٥٢٢ - فإن قيل: قد جعل الله تعالى البغي صفة الأكل عندما ابتدأ أكله فأنتم تجعلونه صفة في الحالة الثانية.