السيّاحة بالقلوب، وسَيْر الشّواتي سفر لا يقضي.
دع الإحصاء والعَدَد، وصُمِ الدُّنيا وأفطِر الآخرة.
وكان يقول، إذا رَأَى عليهم الفُوَط والّأبْراد والصوف، وهم يُصَلّون: قد نشرتم أعلامكم وضربتم طُبُولكم، فليت شعري فِي اللّقاء أيّ رجال أنتم؟
قَالَ رُزَيق النّفّاط، أو غيره: رَأَيْت أَبَا حاتم بيده عطْر يعرضه للبيع، فسألته عن مسألة، فقال: لكلّ مقامٍ مقال، ولكن اصْبِر حَتَّى أفرغ. وكان إذا فرغ جلس يوم الجمعة، اجتمع إليه الصُّوفية وأصحاب الحديث والغُرَباء، وعامّة، مسجد البصرة، وجميع الطبقات.
وكان الّذين يلزمون حلقته: ابنُ الشُّوَيْطيّ. وأبو سَعِيد الغَنَويّ، والمَرْزُوقيّ. وكان الغَنَويّ يميل إِلَى شيءٍ من الكلام ويعرفه.
وكان فِي المسجد طائفة من النّاس يُنْكِرون على أَهْل المحبّةِ لمّا يبلغهم من التّخليط، وكانوا أهل حديث، وكلّهم يستملي أَبَا حاتم ويُعْجبه كلامه لِرِقَّته، ولقَوْله بالسنة ومخالفته الغسّانيّة.
وكانوا يميلون إليه هُوَ وعبد الجبار السُّلَمّي، والحسن بْن المُثَنَّى، وأحمد بن أبي عُمَر، وابن أبي عاصم، والْجُذُوعيّ. كلّ هَؤُلَاء صوفيّة المسجد من أَهْل السنة والحديث يتحلّون النُّسُك والأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر.
وكان لهم بالبلد قدْرٌ وهَيْبة.
وقَالَ السُّلَمّي: كان أبو حاتم العطّار أستاذ الْجُنَيْد، وأبي سَعِيد الخرّاز.
وكان من جِلّة مشايخهم، مِن أقران أبي تراب النَّخْشبيّ. وهو أول من تكلّم بالعراق فِي علوم الإشارات.
وعن محمد بْن وهْب قَالَ: دخلت البصرة أَنَا ويعقوب الزَّيَّات، فأتينا أَبَا حاتم العطّار، فدقَقْنا الباب، فقال: من هَذَا؟
قلت: رَجُل يقول الله.
فخرج ووضع خدّه على الأرض، وقَالَ: بقي مَن يُحْسِن يقول الله! ١٩٠- أبو حَمْزَةَ البغداديّ الصوفيّ [١] .
[١] انظر عن (أبي حمزة البغدادي) في: