للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصَّة الغزّ برواية أخرى]

وساق بعضُهم قصَّة الغُزّ وفيها طُول.

قَالَ: وفارق السّلطان سَنْجَر جميعُ أمراء خُراسان، ووزيرهُ طاهرُ بْن فخر المُلْك بْن نظام المُلْك، ولم يبق غيرُ نَفَر يسيرٍ من خواصّه [١] ، فلمّا وصلت الأمراء إلى نَيْسابور، أحضروا سليمان شاه بْن محمد ملك شاه، فدخل نيسابور في جُمادَى الآخرة من سنة ثمانٍ وأربعين، وخطبوا لَهُ بالسَّلطنة، وساروا فوَاقعوا الغُزّ، وقتلوا منهم مقتلة. فتجمّعت الغُزّ للمصافّ، فلمّا التقى الْجَمْعان انهزم الخُراسانيّون يقصدون نَيْسابور، وتبِعَتْهم الغُزّ، ودخلوا طُوس، فاستباحوها قتْلًا وسبْيًا، وقتلوا إمامها محمد المارشكيّ، ونقيب العلويّين عليّا المُوسَويّ، وخطيبها إسماعيل بْن عبد المحسّن، وشيخ الشّيوخ محمد بْن محمد. ووصلوا إلى نَيْسابور سنة تسع وأربعين في شوّال، فلم يجدوا دونها مانعا، فنهبوها نهبا، وقتلوا أهلها، حتّى أنّه أُحْصيَ في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل.

وكانوا يطلبون من الرجال المالَ، فإذا أعطاهم المال قتلوه. وقتلوا الفقيه محمد بْن يحيى الشّافعيّ، ورثاه جماعة من العلماء، وممّن قُتِلَ الشّيخ عبد الرحمن بْن عبد الصّمد الأكّاف الزّاهد، وأحمد بْن الحسن، والكاتب سِبْط القُشَيْريّ، وأبو البركات بْن الفُرَاويّ، والفقيه الصّبّاغ أحد المتكلّمين، وأحمد بْن محمد بْن حامد، وعبد الوهّاب المُولْقاباذيّ، والقاضي صاعد بْن عبد الملك بْن صاعد، والحسين بْن عبد الحميد الرّازيّ، وخلْق.

وأحرقوا ما بها من خزائن الكُتُب، فلم يسْلَم إلّا بعضُها، وفعلوا ما لا يفعله الكُفّار، وانحلّ أمر السّلطان بالكُلّية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بْن محمد ابن أخت السّلطان سَنْجَر، وخطبوا لَهُ بخُراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا لَهُ في شوّال سنة تسعٍ. وساروا معه إلى الغُزّ، وهم يحاصرون هَرَاة، فَجَرت بينهم حروب في أكثرها الظَّفَر للغُزّ. وكان لسَنْجَر مملوك أي أَبَه، ولَقَبُه المؤيَّد، استولى عَلَى نَيْسابور، وطوس، ونَسَا، وأَبِيوَرْد، وأزاح الغزّ، وقتل منهم


[١] ذيل تاريخ دمشق ٣٢٥.