للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى داره بالجانب الغربي ولم يُلم بدار الخلافة على رسْمه، وتأخر عن الخدمة، وبانت فيه آثار النّفرة. فراسله الخليفة بما طيّب قلبه فقال: ما أشكو إِلَّا من النائب في الديوان. ثم توجه إلى الْأنبار فوصلها، وفتح وقطع أيدي طائفة فيها، وكان معه دُبيس بن علي [١] .

[انكسار جيش المعُز إلى القيروان]

وفي سنة ست ملكت العرب الذين بعثهم المستنصر لحرب المُعز بن باديس، وهم بنو زغبة، مدينة طرابلس المغرب. فتتابعت العرب إلى إفريقية، وعاثوا وأفسدوا، وأمّروا عليهم مؤنس بن يحيى المرداسي. وحاصروا المُدن وخرّبوا القرى، وحل بالمسلمين منهم بلاء شديد لم يعهد مثله قط. فاحتفل ابن باديس وجمع عساكره، فكانوا ثلاثين ألف فارس [٢] ، وكانت العرب ثلاثة آلاف فارس [٣] . فأرادت العرب الفرار، فقال لهم مؤنس: ما هذا يوم فرار. قالوا:

فأين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات [٤] والمغافر [٥] ؟ قال: في أعينهم. فسُمّي:

«أبا العينين» . فالتحم الحرب، فانكسر جيش المُعز، واستحر القتل بجنده، ورُدّ إلى القيروان مهزومًا. وأخذت العرب الخيل والخيام بما حوت [٦] .

وفي ذلك يقول بعضهم [٧] :


[١] المنتظم ٨/ ١٦٠، ١٦١، (١٥/ ٣٤٤، ٣٤٥) ، الكامل في التاريخ ٩/ ٦٠١، ٦٠٢، البداية والنهاية ١٢/ ٦٥، اتعاظ الحنفا ٢/ ٢٣٢.
[٢] في: نهاية الأرب ٢٤/ ٢١٤: «ثلاثين ألف فارس ومثلهم رجّالة» . وفي: المختصر لأبي الفداء ٢/ ١٧٠: «ما يزيد على ثلاثين ألف فارس» . وفي: البيان المغرب ١/ ٢٩٠: «وكان عدد العسكر المهزوم ثمانين ألف فارس ومن الرجّالة ما يليق بذلك» . وفي: تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٣١:
«نحو من ثلاثين ألفا» ، وفي «اتعاظ الحنفا» ٢/ ٢١٥: «جمع ثمانين ألفا» .
[٣] في: البيان المغرب: «وكانت خيل العرب ثلاثين ألف فارس، ومن الرّجالة ما يليق بذلك» .
[٤] في: نهاية الأرب ٢٤/ ٢١٥: «الكازغندات» ، وفي: الكامل في التاريخ لابن الأثير ٨/ ٥٦:
«الكذاغندات» . وهي أردية محشوّة من القطن أو الحرير يتدرّع بها في الحرب.
[٥] المغافر: الخوذات الواقية للرأس.
[٦] اتعاظ الحنفا ٢/ ٢١٤، ٢١٥.
[٧] هو: علي بن رزق الرياحي، أو ابن شدّاد. (البيان المغرب ١/ ٢٩٠، تاريخ ابن خلدون ٦/ ٣٣) .