للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حرف الغين]]

١١٦- غانمُ بْن عَلِيّ [١] بْن إِبْرَاهِيم بْن عساكر بْن حُسين.

الشَّيْخ، القُدوةُ، الزاهدُ، أَبُو عَلِيّ، الأَنْصَارِيّ، السَّعْديّ، المقدسيُّ، النابُلُسيُّ.

أحدُ مشايخ الطرقِ. وُلِد بقريةِ بُورينَ من عمل نابُلُس سنةَ اثنتين وستّين وخمسمائة. وسكن القدس عام أنفذه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساحَ بالشامِ، ورأى الصالحينَ. وكان زاهدا، عابدا، مُخْبِتًا، قانتا للَّه، مُؤْثِرًا للخمولِ والانقباضِ، صاحبَ أحوالٍ وكراماتٍ.

حكى ابنهُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه: أنَّ أَبَاهُ أخبره أن رجلا من الصديقيين اجتمعَ بِهِ ساعة قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَتْ يدي فِي يده انتزعت الدُّنيا من قلبي، ولما نَهَضْتُ قَالَ لي: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ٧٩: ٤٠- ٤١ [٢] .

فَجَعَلْتُ هذه الآية قدوتي إلى اللَّه، وسلكتُ بها فِي طريقي، وجعلتُها نصبَ عيني لِكُلِّ شيء قالته في نفسي. فإنْ قَالَتْ لي: كُلْ، أجوعُ، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أَتْعَبْتُها.

قَالَ ابنُه عَبْد اللَّه: انقَطَعَ- رحمه اللَّه- تحتَ الصخرةِ فِي الأقباء السليمانية سنةَ ستينَ، وصَحِبَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه الأُرْمَوِي بقيةَ عمره وعاشا جميعا مصطِحَبْين.

قَالَ: وحجَّ ثلاثَ مرَّات مُحْرمًا من القدس، فقال: رجَعْتُ من الحجِّ وأنا مريض لَا أستطيعُ الكلامَ، فانطرحتُ فِي البرّيّة، فجاءني مغربيُّ فسَلم، فأومَأت لَهُ، فقال: قم. فأقامَني وجَعَلَ يدَه تحت جناحي، ثم سارَ بي يُحدِّثني بما أَنَا فِيهِ وبما يكون منّي، لَا أشكُّ أني سائر فِي الهواء غيرَ أنِّي قريبٌ من الأرض مقدارَ ساعةٍ، ثم قالَ: أجلسْ ونَمْ فَنِمْتُ ونامَ معي فاستيقظتُ، فلم أجدْه، ووَجَدْتُ نفسي قريبا من الشامِ وأنا طيِّبُ، ولم أحتَجَ بعدَ ذَلِكَ إلى طعامٍ ولا شرابٍ حتّى دخلت بيت المقدس.


[ () ] يرد في المطبوع من «تاريخ إربل» لابن المستوفي.
[١] انظر عن (غنائم بن علي) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٣٤، والعبر ٥/ ١٢٩، ١٣٠، ودول الإسلام ٢/ ١٣٦، ومرآة الجنان ٤/ ٢٨، والعسجد المسبوك ٢/ ٤٦٨، والنجوم الزاهرة ٦/ ٢٩٢.
[٢] سورة النازعات، الآيتان ٤٠ و ٤١.