للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرقة تأتي. ونبشوا أطمار القماش والأثاث، وعاقبوا وعذبوا. وكان خاتمة أمرهم الدّير فاستباحوه ولم يتركوا به إلّا العجائز فِي البرد والجوع والعُري.

ودخل الرجال عُراة حُفاة، عليهم خلْقان كأنهم الصعاليك، بل أضعف من الصّعاليك لما هُمْ فِيهِ من آلام العقوبات والجوع وشدّة البرد والسَّهَر وذهاب الأولاد والحريم، فإنّا للَّه وإنا إليه راجعون.

وسارت فرقة إلى المزة، وكان بها أكثر أهلها قد اغتروا وقعدوا فأوطئوهم خوفا ونهبا وتبارا [١] .

[دخول ابن تيمية على قازان]

وكان الشيخ تقيّ الدين ابن تيمية تلك الأيام يتردد إلى من يرجو نفعه إلى شيخ المشايخ، وإلى العَلَم سُلَيْمَان، وإلى قبجق. ثُمَّ إنّه خرج مع جماعة يوم العشرين من الشهر إلى قازان وهو بتلّ راهط إلى قازان، فأُدخل عليه ولم يمكَّن من إعلام قازان بما يقع من التَّتَار، وخافوا أن يغضب ويقتل أناسا من المغل. وأُذِن له فِي الدّعاء والإسراع. وأشار عليه الوزير سَعْد الدِّين ورشيد الدِّين اليهوديّ مشير الدّولة بأن لا يشكو التَّتَار، ونحن نتولى إصلاح الأمر، ولكن لا بُد من إرضاء المُغْل، فإنّ منهم جماعة كبيرة لم يحصل لهم شيء إلى الآن [٢] .

[خيانة شيخ المشايخ]

وعاد الشَّيْخ إلى المدينة، ثُمَّ من الغد فِي اليوم الثاني والعشرين اشتهر أنّه لا بد من دخول المُغْل إلى البلد والنَّهْب، وظهر ذلك. وجهز شيخ


[١] تاريخ سلاطين المماليك ٦٩.
[٢] تاريخ سلاطين المماليك ٧٠، نهاية الأرب ٣١/ ٣٩٥، ٣٩٦، المقتفي ٢/ ورقة ٨ أ، البداية والنهاية ١٤/ ٧ وفيه: «وكلّمه الشيخ تقي الدين كلاما قويا شديدا فيه مصلحة عظيمة عاد نفعها على المسلمين» ، ذيل مرآة الزمان ٤/ ٣١٥.