للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسعى في هلاكه ويشغب عليه الحُجَريّة. فعلم الوزير، فاعتضد بالأمير بدر صاحب الشّرطة ليوقع بالمظفَّر، فانحدر بدر وأصحابه بالسّلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحُجَريّة من دخولها [١] فضعُفت نفس المظفّر، وأشار على الحُجَريّة بالتّذلُّل لابن مقلة، وأظهر له المظفّر أنّه على أيْمانه، فاغتر بذلك وصرف بدرًا والْجُنْد من دار الخلافة. فمشى الغلمّان بعضهم إلى بعض وأوحشوا نفوس الْجُنْد من ابن مقلة ومن بدر، وتحالفوا وصارت كلمتهم واحدة. ثمّ صاروا إلى دار الخلافة فأحْدَقوا بها، وصار الرّاضي في أيديهم كالأسير، وطالبوه أنّ يخرج معهم إلى الجامع فيصلّى بالنّاس ليعلموا إنّه من حزبهم. فخرج يوم الجمعة سادس جُمادَى الأولى، فصلّى بالنّاس، وقال في خطبته: اللَّهمّ إنّ هؤلاء الغلمّان بطانتي وظهارتي، فمن أرادهم بخير فأزِدْه [٢] ، ومن كادَهم فَكِده [٣] .

[إمرة بدر الخَرْشَنيّ على دمشق]

وأمر بدرًا الخَرْشَنيّ بالمسير على إمرة دمشق مسرعًا [٤] .

[[تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق]]

ثمّ أخذ ابن مقلة يُشير على الرّاضي سرّا أن يخرج بنفسه ليدفع محمد بن رائق عن واسط والبصرة. ثمّ بعث ابن مقلة بمقدَّم من الحُجَريّة، وآخر من السّاجيّة برسالة إلى ابن رائق يطلب المحاسبة. فأحسَن ابن رائق إليهما، وحمّلهما رسالة إلى الرّاضي سرّا بأنّه إن استُدعى إلى الحضرة قام بتدبير الخلافة، وكَفَى أمير المؤمنين كلّ مهمّ. فقدِما. فلم يلتفت الرّاضي إلى الرسالة. ولمّا رأى ابن مقلة امتناع ابن رائق عليه عمل على خروج الرّاضي إلى الأهواز، وأنّ يرسل القاضي برسالة إلى ابن رائق لئلّا يستوحش [٥] .


[١] تكملة تاريخ الطبري ١/ ٩٣.
[٢] في تجارب الأمم ٥/ ٣٣٤: «فمن أرادهم بسوء فأرده به» ، والمنتظم ٦/ ٢٨١.
[٣] تجارب الأمم ٥/ ٣٣٣، ٣٣٤.
[٤] تجارب الأمم ٥/ ٣٣٤، أمراء دمشق في الإسلام ١٧ رقم ٥٩، النجوم الزاهرة ٣/ ٢٧٩.
[٥] تكملة تاريخ الطبري ١/ ٩٤، تجارب الأمم ٥/ ٣٣٥.