للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسَعني مَعَ القُدرة عَلَى نُصْرتهم القعودُ عَنْهُمْ، مَعَ عِلْمٍ بعجزكم عَنْ حِفْظ أعمالكم والذّبّ عَنْهَا، والتّقصير الّذي دعاكم إلى الاستصراخ بالإفرنج عَلَى محاربتي، وبذلكم لهم أموالَ الضعفاء من الرَعيَّة ظُلْمًا وتَعَدِّيًا. ولا بدّ من المعونة بألف فارس يُجَرَّد مَعَ مقدَّمٍ لتخليص ثغر عسقلان وغيره.

فكان الجواب: لَيْسَ بيننا وبينك إلّا السّيف. فكثر تعجُّب نور الدّين، وأنكر هذا، وعزم عَلَى الزَّحْف إلى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذَلكَ [١] .

ثمّ تقرَّر الصُّلْح في أوّل سنة خمسٍ وأربعين، فإنّ نور الدّين أشفق من سفْك الدّماء، فبذلوا لَهُ الطّاعة، وخطبوا لَهُ بجامع دمشق بعد الخليفة والسّلطان، وحلفوا لَهُ. فخلع نور الدّين عَلَى مجير الدّين خِلْعةً كاملة بالطَّوْق، وأعاده مكرّما، محتَرَمًا. ثمّ استدعى الرئيس إلى المخيَّم، وخلع عَلَيْهِ، وخرج إِلَيْهِ المقدَّمون، واختلطوا بِهِ، وردّ إلى حلب [٢] .

[مضايقة الملك مسعود تلّ باشر]

وجاء الخبر بأنّ الملك مسعود نزل عَلَى تلّ باشِر وضايقها [٣] .

[عودة الحُجّاج وما أصابهم]

ثمّ قدِم حُجّاج العراق وقد أُخِذوا، وحكوا مُصِيبةً ما نزل مثلُها بأحدٍ. وكان رَكْبًا عظيما من وجوه خُراسان وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلْق. فأُخِذ جميع ذَلكَ، وَقُتِلَ الأكثر، وسَلِم الأقل، وهُتكَت الحُرَم، وهلك خلْقٌ بالجوع والعطش [٤] .


[١] ذيل تاريخ دمشق ٣٠٩.
[٢] ذيل تاريخ دمشق ٣٠٩، ٣١٠، الروضتين ١/ ١٧٨، ١٧٩، عيون التواريخ ١٢/ ٤٣١، ٤٣٢.
[٣] ذيل تاريخ دمشق ٣١٠.
[٤] انظر عن عود الحجّاج في: الكامل في التاريخ ١١/ ١٤٨، ١٤٩ (حوادث سنة ٥٤٥ هـ) ، وذيل تاريخ دمشق ٣١٠، وكتاب الروضتين ١/ ١٩٤، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ٢٢، والعبر ٤/ ١٢٣، ودول الإسلام ٢/ ٦١، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٧، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ٢٠٦، ومرآة الجنان ٣/ ٢٨٤ (حوادث ٥٤٥ هـ) ، والبداية والنهاية ١٢/ ٢٢٦، وعيون التواريخ ١٢/ ٤٣٨، وتاريخ ابن الوردي ٢٠/ ٥٠.