للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ولم يتعرض «المسبحي» فِي تاريخه إِلَى شيء من ذلك.

[مرض الخليفة الموفَّق ووفاته]

وَفِي المحرم انصرف الموفَّق من الجبل إِلَى بغداد مريضًا، وكان به نُقْرُس. وزاد مرضه فصار داء الفيل. وكان يبردون رجليه بالثلج، ويحمل على سرير، يحمله عشرون نفسًا. فقال مَرَّة للذين يحملون: لعلكم قد ضجرتم منّي. وددت الله أني كأحدكم أحمل على رأسي وآكل، وأني فِي عافية.

وقَالَ فِي مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالًا منيّ.

وزاد به انتفاخ رجله ومات [١] .

[[ظهور القرامطة بسواد الكوفة]]

وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة، وقد اختلفوا فيهم على أقوال:

أحدها: إنّه قَدِمَ رجلٌ من ناحية خوزستان إِلَى الكوفة، فنزل النهرين وأظهر الزهد والتقشف، يعمل الخوص ويصوم. وَإِذَا جلس إليه إنسان وعظه وزهّده في الدّنيا، وأعلمه أنّ الصّلوات المفترضة في اليوم واللّيلة خمسون صلاة. حتى خشي ذلك منه. ثمّ أعلمهم أنه يدعو إِلَى إمام من أَهْل البيت، فكانوا يجلسون إليه. ثُمَّ نظر نخلًا، فكان يأخذ من بقالٍ كل ليلة رطل تمر ثُمَّ يفطر عليه، ويبيعه النوى.

فأتاه أصحاب النخل فأهانوه، وقَالَوا: ما كفاك أكل تمر النخل حَتَّى تبيع النوى؟ فقال البقال: ويحكم ظلمتموه، فإنه لم يذق تمركم، وإنما يشتري منّي


[١] انظر عن وفاة الموفّق في:
تاريخ الطبري ١٠/ ٢٠- ٢٢، ومروج الذهب ٤/ ٢٢٧، ٢٢٨، والعيون والحدائق ج ٤ ق ١/ ١٢١- ١٢٢، والإنباء في تاريخ الخلفاء ١٣٨، والمنتظم ٥/ ١٠٩، ١١٠، والكامل في التاريخ ٧/ ٤٤١، ٤٤٢، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٤٨، ونهاية الأرب ٢٢/ ٣٤٢، ٣٤٣، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ٥٤، وتاريخ ابن الوردي ١/ ٢٤١، ودول الإسلام ١/ ١٦٨، والبداية والنهاية ١١/ ٦١، ومرآة الجنان ٢/ ١٩٢، وتاريخ الخميس ٢/ ٣٨٣، وتاريخ ابن خلدون ٣/ ٣٣٥ و ٣٤٦، وتاريخ الخلفاء ٣٦٦.