للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار فنزل داريّا، وراسل جمال الدّين محمد بن بوريّ يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أيَّ بلد اختار، فلم يجبه. فالتقي العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثير منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمع كبير من جُنْد دمشق وأحداثها ورجال الغُوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السّيف، فقتل فيهم وأكثر وأسر، ومن سلم عاد جريحًا. وأشرف البلد على أنّ يؤخذ، لكن عاد زنكيّ فأمسك عدَّة أيّامٍ عن القتال، وتابع الرّسُل إلى صاحب دمشق وبذل له بَعْلَبَكّ وحمص، فلم يجيبوه. فعاود القتال والزَّحف متتابعًا، فلم يقدر على البلد.

وولي بعد موت محمد ابنه مُجير الدّين أبق، ودبّر دولته أُنُز [١] ، فلمّا ألحّ عليهم زنكيّ بالقتال راسل أُنُز [١] الفرنج يستنجد بهم، وخوّفهم من زنكيّ إنْ تملّك دمشق. فتجمعت الفرنج، وعلم زنكيّ، فسار إلى حَوْران لمُلْتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعَذرا، وأحرق قرى المَرْج وترحّل.

فجاءت الفرنج واجتمعوا بأُنُز [١] ، فسار بعسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكيّ، فأخذها وسلّمها إلى الفرنج. فغضب زنكيّ، وعاد إلى دمشق، فعاث بحَوْران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخرجوا واقتتلوا، وقتل جماعة. ثمّ رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النَّهْب. وسار إلى الموصل، فملك شَهْرزُور وأعمالها [٢] .

[مقتل صاحب تِلِمْسان]

وفيها جهّز عبد المؤمن جيشًا من الموحّدين إلى تِلِمْسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانو اللّمْتُونيّ، فالتقاهم، فَقُتِلَ وانهزم جيشه، وانتهبهم الموحّدون.

[استيلاء عبد المؤمن على جبال غمارة]

وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحّدوا وأطاعوا، وما برح


[١] في الكواكب الدرّية ١١١ «أنر» بالراء.
[٢] ذيل تاريخ دمشق ٢٧٠- ٢٧٢، الكامل في التاريخ ١١/ ٧٣، ٧٤، التاريخ الباهر ٥٨، ٥٩، زبدة الحلب ٢٧٣، كتاب الروضتين ٨٤- ٨٦، نهاية الأرب ٢٧/ ٥٨٨، المختصر في أخبار البشر ٣/ ١٥، دول الإسلام ٢/ ٥٤، العبر ٤/ ٩٣، عيون التواريخ ١٢/ ٣٥٤، الدرّة المضيّة ٥٣٠، الكواكب الدرّية ١١٠، ١١١، تاريخ ابن سباط ١/ ٧١، تاريخ ابن الوردي ٢/ ٤٣، مرآة الجنان ٣/ ٢٦١، عيون التواريخ ١٢/ ٣٥٤.