للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليّ بْن دُبَيْس [١] . ثمّ دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاصّ السّلطان، وأخذوا الغلّات، فثار عليهم أهل باب الأَزَج [٢] وقاتلوهم، فكتب الخليفة إلى مسعود، فأجابه: قد برِئَت ذِمَّة أمير المؤمنين من العهد الّذي بيننا، بأنّه لا يجنِّد، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السُّرَادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال عَلَى مَحَالّ الجانب الغربيّ وراحوا إلى دُجَيْل وأخذوا الحريم والبنات، وجاءوا بهنّ إلى الخِيَم.

ثمّ وقع القتال، وقاتلت العامَّة بالمقاليع، وَقُتِلَ جماعة، فطلع إليهم الواعظ الغَزْنَويّ فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي، وساقها إلى البلد، وقبض الخليفة عَلَى ابن صَدَقَة، وبقي الحصار أيّاما، وخرج خلق من العوامّ بالسّلام الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم العسكر، وانهزموا لهم، ثمّ خرج عليهم كمين فهربوا، وَقُتِلَ من العامّة نحو الخمسمائة.

ثمّ جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التّاج وقالوا: لم يقع هذا بِعلْمنا، وإنّما فعله أَوْباشٌ لم نأمرهم. فلم يَقْبل عُذْرهم. فأقاموا إلى اللّيل وقالوا: نَحْنُ قيامٌ عَلَى رءوسنا، لا نبرح حتّى تعفي عَنْ جُرْمنا.

فجاءهم الخادم يَقُولُ: قد عفا عنكم أمير المؤمنين فأمْضوا. ثمّ سار العسكر، وذهب بعضهم إلى الحِلَّة، وبعضهم طلب بلاده [٣] .

[[الغلاء والجوع]]

ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعرْي أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون [٤] .


[١] زاد ابن الجوزي: «وابن تتر في آخرين»
[٢] باب الأزج: بالتحريك، محلّة معروفة ببغداد.
[٣] انظر عن فتنة خاصّ بك في: المنتظم ١٠/ ١٣١- ١٣٣ (١٨/ ٦٤- ٦٦) ، والكامل في التاريخ ١١/ ١٣٢- ١٣٤، وزبدة التواريخ ٢٢٥- ٢٢٨، وتاريخ ابن خلدون ٣/ ٥١٤- ٥١٦.
[٤] انظر عن الغلاء والجوع في: المنتظم ١٠/ ١٣٤ (١٨/ ٦٦) ، والكامل في التاريخ ١١/ ١٣٧، وذيل تاريخ دمشق ٣٠٢، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ٢٠، والعبر ٤/ ١١٨، ودول الإسلام ٢/ ٥٩، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٤٨، وتاريخ ابن سباط ١/ ٩٠.