للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيعة المستنصر باللَّه

وبويع ابنه الأكبر أبو جعفر المستنصر باللَّه، فبايعه جميع إخوته وبنو عمّه.

قال ابن السّاعي: حضرتُ بيعته العامَّة، فلمّا رفعت السّتارة، شاهدته وقد كمّل الله صورتَه ومعناه، وعمرُه إذ ذاك خمسٌ وثلاثون سنة، وكان أبيضَ مُشْربًا حُمْرة، أزجَّ الحاجبين، أدعجَ العينين، سهلَ الخدَّين، أقنى، رَحْبَ الصدرِ، عليه قميص [١] أبيضُ، وبقيار [٢] أبيض مسكّن [٣] ، وعليه طرحةُ قصب بيضاء، ولم يزل جالسا إلى أنْ أُذِّنَ الظُّهْر، ثمّ جلس كذلك يومَ الأحد ويومَ الإثنين، وأُحْضِر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الْجِيليّ، فرقيا المنبرَ، فقال الوزير مؤيّد الدِّين القُمِّيّ لقاضي القضاة: أميرُ المؤمنين قد وكَّلَ أبا الأزهر أحمد هذا وكالة جامعة في كُلّ ما يتجدَّد من بيعٍ وإقرار وعِتْق وابتياع.

فقال القاضي: أهكذا يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: نعم، فقال القاضي:

ولَّيتني يا أميرَ المؤمنين ما ولّاني والدُك رحمة الله عليه؟ فقال: نعم، ولّيتُك ما ولّاك والدي. فنزلا، وأثبت القاضي الوكالةَ بعلمه.

رسليَّة ابنُ الأَثير

وفي شعبان قَدِمَ الصَّاحبُ ضياءُ الدِّين نصرُ الله ابنُ الأَثير [٤] رسولا عن صاحب المَوْصل بدر الدِّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها:

«ما لِلّيل والنّهارِ لا يعتذِرَانِ وقد عَظُمَ حادثهما، وما لِلشّمس والقمرِ لا ينكسِفان وقد فُقِدَ ثالثُهما.

فيا وحشة الدُّنيا وكانت أنيسة ... ووحدة من فيها لمصرع واحِدِ

وهو سيِّدنا، ومولانا، الإمامُ الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته


[١] في تاريخ الخميس ٢/ ٤١٣: «عليه ثوب» .
[٢] في تاريخ الخميس ٢/ ٤١٣: «ومئزر» .
[٣] هذا اللفظ ليس في تاريخ الخميس.
[٤] هو صاحب كتاب «المثل السائر» ، وغيره. توفي سنة ٦٣٧ هـ.