للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنزل بتلّ كيسان وقاتل الفِرَنج كُلّ يوم وهم لا يسأمون [١] . إلى أن قَالَ [٢] :

وافترقوا فرقتين، فرقة تقابله، وفرقة تقاتل عكّا. ودام القتال ثمانية أيّام متتابعة [٣] .

ثُمَّ ساق قصّة الأبراج الخشب الّتي يأتي خبرها، وقَالَ: فكان يوما مشهودا لَمْ يَرَ النّاس مثله، والمسلمون ينظرون ويفرحون، وَقَدْ أسفرت وجوههم بنصر اللَّه [٤] . إلى أن قَالَ:

[ذكر وصول ملك الألمان إلى الشّام]

والألمان نوع من أكثر الفِرَنج عددا وأشدّهم بأسا. وكان قَدْ أزعجه أَخَذَ بيت المَقْدِس، فجمع العساكر وسار، فَلَمَّا وصل إلى القُسْطَنْطِينيَّة عجز ملكها عَنْ منعهم مِن العبور فِي بلاده، فساروا وعبروا خليج قُسْطَنْطِينيَّة، ومرّوا بمملكة قلج أرسلان، فثار بهم التّركمان، فَمَا زالوا يسايرونهم ويقتلون منَ انفرد ويسرقونهم. وكان الثّلج كثيرا فأهلكهم البرد والجوع، وماتت خيلهم لعدم العَلَف والبرد، وتمَّ عليهم شيء ما سُمِع بِمِثْلِهِ. فَلَمَّا قاربوا قُونية خرج قُطب الدّين ملك شاه بْن قلج أرسلان ليمنعهم، فلم يقربهم، وكان قَدْ حجر عَلَى والده، وتفرَّق أولاده، وغلب كُلّ واحد عَلَى ناحية من بلاده.

فنازلوا قونية وأرسلوا إلى قلج أرسلان هديّة وقالوا: ما قَصْدُنا بلادك، إنّما قصدنا بيت المَقْدِس. وطلبوا منه أن يأذن لرعيّته فِي إخراج سوق، وشبعوا وتزوّدوا. وطلبوا من صاحب الروم جماعة تخفرهم من لصوص التُّرْكمان، فنفّذ معهم خمسة وعشرين أميرا، فَمَا قدِروا عَلَى منع الحراميّة لكَثْرتهم، فغضب ملك الألمان، وقبض عَلَى أولئك الأمراء، وقيَّدهم ونهب متاعهم، ثمّ


[١] الكامل ١٢/ ٤٤، ٤٥.
[٢] في الكامل ١٢/ ٤٥.
[٣] مشارع الأشواق ٢/ ٩٤٠، ٩٤١.
[٤] الكامل ١٢/ ٤٦، ٤٧.