للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة تسع عشرة وأربعمائة]

[احتجاج الغلمان والإسْفَهْسِلاريّة عَلَى جلال الدّولة]

في المحَّرم اجتمع الغلمان وأكابر الإسْفَهْسِلاريّة وتحالفوا عَلَى اتفّاق الكلمة، وبرَّزوا الخِيَم. ثمّ أنفذوا إلى الخليفة يقولون: نَحْنُ عُبَيْد أمير المؤمنين، وهذا المُلْك متوفرٌ عَلَى لَذّاته لا يقوم بأمورنا، ونريد أن تأمره أن يصير إلى البصرة وينُفْذ ولده نائبًا لَهُ. فأجيبوا.

فأنفذ إلى السّلطان أبا الحَسَن الزَّيْنبيّ، وأبا القاسم المرتضى برسالةٍ فاعتذر.

فقالوا: تُعّجل ما وعدنا بِهِ.

فأخرج مِن المصاغ والفضّة أكثر مِن مائة ألف درهم، فلم تُرْضِهم.

ثمّ بكّروا فنهبوا دار الوزير أَبِي عليّ بْن ماكولا، وعظُمت الفتنة وزالت الهيبة، ونهبوا بعض العوامّ، ووكّلوا جماعةً بدار السّلطنة ومنعوا مِن دخول الطّعام والماء. فضاق الأمرُ عَلَى مِن فيها حتّى أكلوا ما في البُستان وشربوا ما في الآبار.

فخرج جلال الدّولة، ودعا الموكَّلين بالأبواب، فلم يجيبوه، فكتب ورقة:

إنّي راجعٌ عَنْ كلّ ما أنكرتموه.

فقالوا: لو أعطيتنا مال [١] بغداد لم تصلُح لنا.

فقال: أكَرِهْتُموني، فمكّنِوني مِن الانحدار.

فابتيع لَهُ زَبْزَب شعِث، فقال: يكون نزولي باللّيل.

قالوا: لا، بل السّاعة.


[١] في المنتظم ٨/ ٣٦ «ملء» .