للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفاة الناصر لدين الله]

وفي سَلْخ رمضان تُوُفّي النّاصر لدين الله [١] .

[بيعة الظاهر بأمر الله]

قال أبو المظفّر سِبْطُ الجوزيّ [٢] : وفيها حججتُ راكبا في المَحْمَلِ السُّلطانيّ المعظَّميّ، فجاءنا الخبرُ بموت الخليفة بعَرَفَة، فلمّا دخلنا للطّواف، إذا الكعبةُ قد أُلْبِسَتْ كِسوةَ الخليفة، فوجدتُ اسم النّاصر في الطّراز في جانبين، واسم الخليفة الظّاهر في جانبين [٣] .

وهو أبو نصر مُحَمَّد، بويع بالخلافة وكان جميلا، أبيض مُشْرَبًا حمرة، حلو الشمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فقيل له: ألا تتفسّح؟ قال: قد لَقِسَ [٤] الزَّرْع، فقيل: يُبارِكُ الله في عمرك، قال: من فتح دكانا بعد العصر أيش يكسب؟ ثم إنه أحسن إلى الرّعيّة، وأبطلَ المكوسَ، وأزال المظالِمَ، وفَرَّق الأموال. وغسَّل النّاصر محيي الدِّين يوسُف ابن الجوزي، وصلى عليه ولده الظاهر بأمر الله بعد أن بُويع بالخِلافة.

قال ابن السّاعي [٥] : بايعه أولا أهلُه وأقاربُه من أولاد الخلفاء، ثمّ مؤيّد الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد القُمّيّ نائب الوزارة، وعَضُدُ الدَّولة أبو نصر ابن الضّحّاك أستاذُ الدّار، وقاضي القُضاة محيي الدِّين بن فَضْلان الشّافعيّ، والنّقيبُ الطّاهر قِوامُ الدِّين الحَسَنُ بن مَعَدّ المُوسويّ، ثمّ بُويع يوم عيد الفِطْر البيعةَ العامَّة، وجلس بثياب بيض، وعليه الطّرحةُ وعلى كتِفه بُردةُ النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلّم في


[١] انظر ترجمته ومصادرها في الوفيات برقم (٦٧) .
[٢] قول سبط الجوزي ليس في المطبوع من مرآة الزمان، وهو في: ذيل الروضتين ١٤٤- ١٤٥.
[٣] زاد أبو شامة نقلا عن السبط: «فعلمت أنهم كانوا قد فرغوا من نسج الجانبين عند وفاة الناصر، ثم استأنفوا ما بقي باسم الظاهر» ص ١٤٥.
[٤] يقال: لقست نفسه: إذا غثت وخبثت.
[٥] هو تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب خازن كتب المدرسة المستنصرية المتوفى سنة ٦٧٤ هـ-، له كتاب مشهور على السنين لم يصل إلينا، ذكره الإربلي في خلاصة الذهب ٢٨٢ فقال إن ابن الساعي جمع كتابا في مناقب وفضائل الإمام الناصر في خمس مجلّدات سمّاه «الروض الناضر في أخبار الإمام الناصر» .