للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَرَّفْتُهُ مَا كَانَ مِنْ قَوْلِي، فَاسْتَصْوَبَهُ وَأَمْضَاهُ.

قال إبراهيم بن المهديّ: فو الله مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ أَعْجَبُ عَمَلا:

عَبْدُ الْمَلِكِ فِي شُرْبِهِ النَّبِيذَ، وَلِبَاسِهِ مَا لَيْسَ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَانَ صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ.

أَوْ إِقْدَامُ جَعْفَرٍ بِمَا أَقْدَمَ بِهِ.

أَوْ إِمْضَاءُ الرَّشِيدِ لِمَا حَكَمَ جَعْفَرٌ بِهِ [١] .

[تَرْجَمَةُ جَعْفَرٍ عِنْدَ ابْنِ خَلِّكَانَ]

قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ [٢] عَنِ الْبَرْمَكِيِّ: قَدْ بَلَغَ جَعْفَرٌ مِنْ عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ. حَتَّى أَنَّ الرَّشِيدَ اتَّخَذَ ثَوْبًا لَهُ زِيقَانِ، فَكَانَ يَلْبَسُ هُوَ وَجَعْفَرٌ مَعًا [٣] . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ صَبْرٌ [٤] .

وَكَانَ الرَّشِيدُ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لأُخْتِهِ عَبَّاسَةَ، وَهِيَ أَعَزُّ النِّسَاءِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مَتَى غَابَ أَحَدٌ مِنْهُمَا لا يَتِمُّ سُرُورُ الرَّشِيدِ فَقَالَ: إِنِّي لا صَبْرَ لِي عَنْكُمَا، وَإِنِّي سَأُزَوِّجُكها لِأَجْلِ النَّظَرِ فَقَطْ، فَاحْذَرْ أَنْ تَخْلُوَ بِهَا. فَزَوَّجَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ. ثُمَّ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ [٥] .

وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ، فَقِيلَ إِنَّ عَبَّاسَةَ أَحَبَّتْ جَعْفَرًا وَرَاوَدَتْهُ فَخَافَ، وَأَعْيَتْهَا الْحِيلَةُ، فَبَعَثَتْ إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنِ ابْعَثِي بِي إلى ابنك كأنّني


[١] وفيات الأعيان ١/ ٣٣٠، ٣٣١، الفرج بعد الشدّة للتنوخي ١/ ٣٦٢- ٣٦٥، المستجاد من فعلات الأجواد ١٥٣- ١٥٦، الكتّاب والوزراء للجهشياريّ، العقد الفريد ٥/ ٧٢، ٧٣، نهاية الأرب ٢٢/ ١٤٢، ١٤٣، شرح البسّامة بأطواق الحمامة ٢٢٣- ٢٢٦، الوافي بالوفيات ١١/ ١٥٧، ١٥٨.
[٢] وفيات الأعيان ١/ ٣٣٢.
[٣] قيل إنّ الرشيد أمر فخيط له قميص ذو جيبين يلبسه هو وجعفر لثقته به. (البدء والتاريخ ٦/ ١٠٤) .
[٤] وفيات الأعيان، الوافي بالوفيات ١١/ ١٥٩
[٥] قارن برواية الطبري الّتي تقدّمت قبل قليل (٨/ ٢٩٤) ، والعيون والحدائق ٣/ ٣٠٧، ٣٠٨، ومروج الذهب ٣/ ٣٨٤- ٣٨٧، والفخري ٢٠٩، وخلاصة الذهب ١٤٦، والبداية والنهاية ١٠/ ١٨٩.