للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندي يقرأ إذا بمعزّم في الدّرْب يَقُولُ: المُرْقي مِن الدّبيب ومن العين ومن الْجِنّ.

فقال: إيش هذا؟

قلت: هذا معزّم يعرف أسماء الله، يفعل ما تسمع.

فقال: اطلبه. فقمت وأدخلته، فإذا بالجنّيّ قد صار ثعبانًا في السّقْف، فضرب المعزّم المنْدَل وعَزَّم، فما زال الثّعبان يتدلّى حتّى سقط في وسط المندل. فقام ليأخذه ويدعه في الزّنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني مِن صَيْدي؟

فأعطيته دينارًا وأخرجته. فانتفض الثّعبان، وخرج الجّنيّ وقد ضعّف واصْفَرّ وذاب، فقلت: ما لك؟

قَالَ: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنّني أُفْلح، فأجعل بالك اللّيلة، مَتَى سَمِعْتُ مِن البئر صُراخًا فانهزم.

قَالَ: فسمعت تِلْكَ اللّيلة النَّعيّ، فانهزمت.

قَالَ ابْن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تِلْكَ الدّار [١] .

ولابن عقيل في الفنون، قَالَ: الأصحّ لاعتقاد العوامّ ظواهر الآي، لأنهم ما يثبتون بالإثبات. فمتى مَحَوْنا ذَلِكَ مِن قلوبهم زالت الحشْمة. فتهافُتُهم في التّشبيه أحبّ إليَّ مِن إغراقهم في التّنزيه. لأنّ التّشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجعون، والتّنزيه يرمي بهم إلى التُّقَى، ولا طمع ولا مخافة في التُّقَى. ومن تدبّر الشّريعة رآها غامسة للمكلّفين في التّشبيه بالألفاظ الّتي لَا يعطي ظاهرها سواه، لقول الأعرابيّ: أو يضحك ربّنا؟ قَالَ: نعم. فلم يكْفَهر لقوله، بل تركه وما وقع لَهُ.

- حرف الكاف-

٥٥- كتائب بْن عليّ بْن حمزة بْن الخَضِر [٢] .

السُّلَميّ الدّمشقيّ الجابي، أبو البركات ابن المقصّص الحَنْبليّ.

سَمِعَ: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ.


[١] مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ٨٦، ٨٧.
[٢] انظر عن (كتائب بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٢١/ ١٣٥ رقم ٩٦.