ثمّ قصد الملك بردويل الإفرنجيّ مصرَ ليأخذها ودخل الفَرَما، وحرق جامعها، والفَرَما قريبة من قطْيا من ناحية البحر، خربت وأحرق مساجدها، فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشقّ أصحابه بطنه وصبَّروه، ورموا حشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم بالسّبخة، ودفنوه بمقامة.
وكان هو الّذي أخذ بيت المقدس، وعكّا، وعدَّة حصونٍ من السّواحل.
وذلك كلّه بتخلُّف هذا المشئوم الطَّلْعة.
وفي أيّامه ظهر ابن تُومَرْت، وفي أيّام أبيه أخذت الفرنج أنطاكّية، والمَعَرَّة، والقدس. وجرى على الشّام أمرٌ مَهُول من ظهور الرَّفْض والسّبّ، ومن استيلاء الفرنج وَالسَّبْيِ والأسْر، نسأل الله العفو والأمن.
ووُلِد الآمر في أوّل سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمسُ سِنين، وبقي في المُلْك تسعًا وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يومًا في ذي القعدة، وعدَى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسّلاح، فلمّا عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردّوه إلى القصر مُثْخَنًا بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهديّ عُبَيْد الله الخارج بسجلْمَاسَة، وبايعوا بالأمر ابن عمّه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر باللَّه، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين.
وكان الآمر رَبْعةً، شديد الأُدْمَةِ، جاحظَ العينين، حَسَن الخطّ، جيّد العقل والمعرفة. وقد ابتهج النّاس بقتله لعسَفه وسفْكه الدّماء، وكثرة مطاردته، واستحسانه الفواحش.
وعاش خمسًا وثلاثين سنة.
وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.
- حرف الهاء-
٦٦- هبة اللَّه بْن القاسم بْن عطاء بن محمد [١] .
[١] انظر عن (هبة الله بن القاسم) في: التحبير ٢/ ٣٦٤، ٣٦٥ رقم ١٠٨٤، والمنتظم ١٠/ ١٩ رقم ٢١ (١٧/ ٢٦٢ رقم ٣٩٦٤) ، والكامل في التاريخ ١٠/ ٦٦٧، والعبر ٤/ ٣٣، ومرآة