للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونوابها. وبلّغ النّاس عَبْد الغنيّ، ونثروا على النّاس الذَّهَّب والدّراهم. وحصل فرح ما بتولية قبجق. وتعب قبجق بالتّتار كلّ التّعب، ولكنّه كان شاطرا ذا دهاءٍ ورأيٍ وخبرة، وقد عرف سياستهم. ونزل شيخ الشيوخ الَّذِي لقازان، ولَقَبُه نظام الدِّين محمود بْن علي الشَّيْبَانيّ بالمدرسة العادليّة [١] ، وأظهر العتب على الرؤساء إذا لم يترددوا إليه. وزعم أنّه يصلح أمرهم ويتفق معهم على ما يُفعل فِي أمر القلعة. وأظهر أنّ قبجق وأمثاله من تحت أوامره [٢] .

وأما أهل الصالحية فابتلشوا ونشبوا بالقعود. وجاءهم مقدّم وقعد شِحنةً لهم، فأكلهم واستحلبهم. وزوّجه القاضي بصبيّةٍ ولم يكن عنده دفْعٌ عَنْهُمْ.

[نهب الصالحية]

وشرعت التَّتَار فِي نهب الصّالحية والعبث والفساد، وبقوا كل يوم يقوى شَرّهم ويكثُر عَبَثهم، وأخذوا منها شيئا كثيرا من القموح والغلال والقماش والذّخائر، وقلعوا شبابيك وكسروا وأخرجوا، وأخذَوا بُسُطَ الجامع. والتجأ الناس إلى دير المقادسة [٣] ، فانحشروا فِيهِ، فاحتاط بْه التَّتَار فِي ثامن عَشْر الشهر ودخلوه، ونهبوا فِيهِ، وسبوا الحريم والأطفال. فخرج إليهم شيخ المشايخ النظام فِي جماعةٍ من التَّتَار فأدركوهم وردّوا عن الدّير بعض الشَّيء.

وهرب التَّتَار بما حوَوا، وتوجهت فرقة إلى داريا، فاحتمى أهلها بالجامع، فحاصروه وأخذوه ودخلوه ونهبوا وقتلوا، وعثروا أهل داريا (٤) .

ولم يزالوا يتدرّجون فِي نهب الخيل وسبي أهله قليلا قليلا، فرقة تذهب


[ () ] المقتفي ٢/ ورقة ٧، والبداية والنهاية ١٤/ ٨.
[١] المقتفي ٢/ ورقة ٧ ب، البداية والنهاية ١٤/ ٨.
[٢] تاريخ سلاطين المماليك ٦٨، نهاية الأرب ٣١/ ٣٩٤، السلوك ج ١ ق ٣/ ٨٩١، عقد الجمان (٤) ٤٠، ٤١، ذيل مرآة الزمان ٤/ ورقة ٣١٣.
[٣] في تاريخ سلاطين المماليك ٦٩ «دير الحنابلة» ومثله في المقتفي ٢/ ورقة ٧ ب. (٤) تاريخ سلاطين المماليك ٦٩، نهاية الأرب ٣١/ ٣٩٥، المقتفي ٢/ ورقة ٧ ب، ٨ أ، السلوك ج ١ ق ٣/ ٨٩٢، ذيل مرآة الزمان ٤/ ٣١٣، ٣١٤.