للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة سبع عشرة وأربعمائة]

[انتهاب الكرْخ وإحراقها]

فيها ورد الإسْفَهْسِلاريّة [١] إلى بغداد، فراسلوا العيّارين بالانصراف عَنْ البلد، فما فكّروا فيهم، وخرجوا إلى خِيَم الإسْفَهْسِلاريّة وصاحوا وشتموهم وتحاربوا، ولبس الْجُنْد مِن العنق السّلاح، وضربوا الدّبادب [٢] ، وهجموا عَلَى أهل الكَرْخ، وأحرقوا مِن الدّقّاقين إلى النّحّاسين، ونُهب الكَرْخ، وأخِذ شيءٌ كثير مِن القطيعة ودرب أَبِي خَلَف، وأشرف النّاس على خطّةٍ صَعْبة. وكان ما نهبه الغَوْغَاء أكثر ممّا نهبته الأتراك. ومضى المرتضى إلى دار الخلافة، فجاء الإسْفَهْسِلاريّة وسألوا التَّقدُّم إليه بالرجوع. فخلع عَليْهِ وتقدّم إليه بالعَوْد.

ثمّ حُفظت المَحَالّ واشتدّت المصادرات، وقُرّر عَلَى أهل الكَرْخ مائة ألف دينار [٣] .

[شهادة الصّميري عند ابن أَبِي الشوارب]

وفيها شهِد الحسين بن عليّ الصّميريّ عند قاضي القضاة ابن أبي


[١] الإسفهسلّاريّة، أو الإصفهسلّاريّة- كما في: (المنتظم) لابن الجوزي ٨/ ٢٤- ٢٧، أو إسباسلّار: بسينين مهملتين بينهما فاء ثم هاء. من ألقاب أرباب السيوف، وكان في الدولة الفاطمية لقبا على صاحب وظيفة تلي صاحب الباب، ومعناه: مقدّم العسكر، وهو مركب من لفظين: فارسيّ وتركيّ، فأسفه بالفارسيّة بمعنى: المقدّم، وسلّار بالتركية بمعنى: العسكر.
والعامّة تقول لبعض من يقف بباب السلطان من الأعوان: أسباسلّار، بالباء الموحّدة، وكأنّهم راعوا فيه معنى المقدّم في الجملة، والباء تعاقب الفاء في اللغة الفارسية كثيرا، ولذلك قالوا:
أصبهان وأصفهان بالباء والفاء جميعا. والإسفهسلّاريّ: نبة إليه للمبالغة. (صبح الأعشى للقلقشندي ٦/ ٧، ٨) .
[٢] الدبادب: الطبول.
[٣] المنتظم ٨/ ٢٤، ٢٥، الكامل في التاريخ ٩/ ٣٥٣، مرآة الجنان ٣/ ٣٠، نهاية الأرب ٢٦/ ٢٥١، المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٥٦، العبر ٣/ ١٢٣، ١٢٤، دول الإسلام ١/ ٢٤٧، تاريخ ابن الوردي ١/ ٣٣٨، البداية والنهاية ١٢/ ٢٠.