للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتفت إليَّ عمّي وقال: تجهَّز يا يوسف. [قَالَ] : فكأنّما ضرب قلبي بسِكّين! فقلت: والله لو أُعْطِيتُ مُلْكَ مصرَ ما سِرْتُ إليها. فلقد قاسيت بإلاسكندريّة من المَشَاقّ ما لا أنساه [١] .

فقال عمّي لنور الدّين: لا بدّ من مسيره معي. فتَرْسُمَ لَهُ. فأمرني نور الدّين وأنا أستقيله، وانقضى المجلس.

ثمّ قَالَ نور الدّين: لا بُدَّ من مسيرك مَعَ عمّك. فشكوْتُ الضّائقة، فأعطاني ما تجهَّزتُ بِهِ، وكأنّما أُساقُ إلى الموت.

وكان نور الدّين مَهِيبًا، مَخُوفًا، مَعَ ليِنه ورحمته، فسِرْتُ معه. فلمّا تُوفّي أعطاني اللَّه من المُلْك ما [لا] [٢] كنت أتوقّعه [٣] .

[[وزارة أسد الدين]]

رجعنا إلى ذكر مسير أسد الدّين، فجمع الجيوش، وسار إلى دمشق، وعرض الْجَيْش، ثمّ سار إلى مصر في جيش عرمرم، فقيل: كانوا سبعين ألف فارس وراجل. فتقهقر الفرنج لمجيئه، ودخل القاهرة فِي ربيع الآخر، وجلس فِي الدَّسْت، وخلع عَلَيْهِ العاضد خِلَع السَّلْطنة، وولّاه وزارته [٤] ، وهذه نسخة العهد:

«من عَبْد اللَّه أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن يوسف العاضد [٥] لدين اللَّه أمير المؤمنين، إلى السّيّد الأجلّ، الملك المنصور، سلطان الجيوش، وليّ الأئمَّة [٦] ، أسد الدّين [٧] ، هادي دُعاة المؤمنين، أَبِي الحارث شير كوه


[١] تاريخ ابن سباط ١/ ١٢٢.
[٢] ما بين الحاصرتين ساقطة من الأصل. أضفتها من: الروضتين ج ١ ق ٢/ ٣٩٤.
[٣] العبارة في الكامل ١١/ ٣٤٣: «ثم توفّي فملّكني الله تعالى ما لم أكن أطمع في بعضه» .
[٤] التاريخ الباهر ١٣٩.
[٥] في الروضتين ج ١ ق ٢/ ٤٠٢: «من عبد الله ووليّه أبي محمد العاضد» .
[٦] في الروضتين زيادة: «مجير الأمّة» .
[٧] في الروضتين زيادة: «كامل قضاة المسلمين، و» .