للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً. وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ. فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرَفَعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرُ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا. فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا.

وَلَقَدْ كُنَّا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ [١] عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ [٢] كَالثَّوْرِ.

وَلَقَدْ أَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمُ بَعِيرٍ مِنْهَا فَمَرَّ تَحْتَهَا. وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ [٣] فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ تُطْعِمُونَنَا؟» قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٤] . قلت: زعم بعض النّاس أنّ هذه السرّية كانت فِي رجب سنة ثمانٍ

سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَة إلى خَضِرَة [٥]

قَالَ الواقديّ فِي مَغَازيه [٦] : قَالُوا بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا قَتَادَة بْن رِبْعيّ الأنصاريّ إلى غَطَفان فِي خمسة عشر رجلا. وأمره. أن يشنّ عليهم الغارة.


[١] الوقب: كلّ نقر في الجسد كنقر العين والكتف. ووقب العين نقرتها التي تستقرّ فيها. (انظر الصحاح ٢٣٤) .
[٢] الفدرة: القطعة من كلّ شيء. أو القطعة من اللّحم المطبوخ البارد.
[٣] الوشائق: جمع وشقية ووشيق. وهو اللّحم يقدّد حتى ييبس أو يغلي إغلاءة ثم يقدّد.
[٤] صحيح مسلم (١٩٣٥) كتاب الصيد والذبائح. باب إباحة ميتة البحر. وانظر: تاريخ الطبري ٣/ ٣٣، وسيرة ابن هشام ٤/ ٢٤٣، والمغازي للواقدي ٢/ ٧٧٧، ونهاية الأرب ١٧/ ٢٨٤، ٢٨٥، وعيون الأثر ٢/ ١٦٠، والبداية والنهاية ٤/ ٢٧٦، وعيون التواريخ ١/ ٢٨٦، ٢٨٧، والسيرة الحلبية ٢/ ٣١٥.
[٥] انظر عنها: الطبقات الكبرى ٢/ ١٣٢، ونهاية الأرب ١٧/ ٢٨٥، ٢٨٦، وعيون الأثر ٢/ ١٦١، وإمتاع الأسماع ١/ ٣٥٦، وعيون التواريخ ١/ ٢٨٧، ٢٨٨.
[٦] انظر المغازي للواقدي، ٢/ ٨٨٧- ٧٨٠.