للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطّريق، وأخذ القوافل كأبيه. فهَمّ بالقبض عَلَيْهِ طُغْتِكِين، فهرب إلى الإفرنج، واستدعاهم إلى فَامِيَة، وقال: ما فيها إلّا قُوت شهر. فنازلوه وحصروه، وجاع أهله، ومَلَكَتْه الإفرنج، فقتلوا القاضي المذكور [١] .

وظفروا بالصّائغ فقتلوه، وهو الّذي أظهر مذهب الباطنيّة بالشّام، فقيل: لم يقتلوه وإنّما بقي إلى سنة سبع وخمسمائة، فقتله ابن بديع رئيس حلب بعد موت رضوان صاحبها [٢] .

[[إفساد ربيعة والعرب في البصرة ونواحيها]]

وفيها ملك ضيف [٣] الدّولة صدقة بْن مَزْيَد الأَسَديّ البصرة، وحكم عليها، وأقام بها نائبًا، وجعل معه مائة وعشرين فارسًا. فاجتمعت ربيعة، والعرب، في جَمْعٍ كبير، وقصدوا البصرة، فقاتلهم النّائب، فأسروه، ودخلوا البلد بالسّيف، فنهبوا وأحرقوا، وما أبقوا ممكِنًا، وانتشر أهلُها بالسّواد.

وأقامت العرب تُفْسد شهرًا، فأرسل صدقة عسكرًا وقد فات الأمر [٤] .

[اشتداد الحصار عَلَى طرابُلُس]

وأمّا ابن عمّار فكان يخرج من طرابُلُس وينال من الإفرنج، وخرّب الحصن الّذي أقامه صَنْجيل، وحرق فيه، فرجع صَنْجيل ومعه جماعة من القمامصة والفرسان، فوقف عَلَى بعض السُّقُوف المحترقة، فانخسف، فمرض صَنْجيل عشرة أيّام ومات، لعنه اللَّه تعالى، وحملت جيفةُ الملعون إلى القدس، فدفنت بِهِ [٥] . ولم يزل الحرب بين أهل طرابُلُس والإفرنج خمسَ سِنين إلى هذا الوقت،


[١] المختصر في أخبار البشر ٢/ ٢٢٠، دول الإسلام ٢/ ٢٨، تاريخ ابن الوردي ٢/ ١٧.
[٢] الكامل في التاريخ ١٠/ ٤١٠.
[٣] في الأصل «صيف» ، وهو تحريف.
[٤] الكامل في التاريخ ١٠/ ٤١١.
[٥] العبر ٣/ ٣٥٣، تاريخ ابن الوردي ٢/ ١٧ وفيه قال ابن الوردي:
نقلوا صنجيل من نار ... إلى نار تضرّم
قبره إن كان في القدس ... ففي وادي جهنّم
ووقع في شذرات الذهب ٣/ ٤٠٩: «صخيل» . وجاء في تاريخ الأزمنة للدويهي ٩٧ أن ريموند الصنجيلي دفن عند جبل الغرب بشرق طرابلس.