للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[مراسلة الملك السعيد هولاكو]]

ومرض الملك السّعيد مرضا شديدا، ثمّ عُوفي، وبعث إلى هولاكو يطلب منه سابق الدّين بَلَبَان، فبعثه إليه، وقد استماله هولاكو فِي مدّة مُقامه عنده. فلمّا اجتمع بمخدومه أخبره بما تمّ على أهل حلب. ثمّ أرسل السّعيد إليه بهديّة سنِية، وأخبروه بما فِيهِ السّعيد. فسأل عن قلعة ماردين، فأخبروه أنّ فيها من الأموال والذّخائر والأقوات كفاية أربعين سنة. فكتب إليه يعفيه من الحضور، وأرسل إليه ولده الملك المظفّر ليطمئنّ قلبُه [١] .

[[استيلاء التتار على ماردين]]

وعاد سابق الدّين إلى هولاكو بردّ الجواب، ثمّ قصد أستاذه الملك السّعيد أن يردّه من دُنَيْسَر ويُمسكه، فلم يتّفق، واتّصل بهولاكو ولم يرجع.

وعلم السّعيد أنّ التّتار لا بدّ لهم منه ومن حصاره، فنقل ما فِي البلد من الذّخائر إلى القلعة.

ثم بعد أربعة أيّام وَصَلَتْهُ رُسُلُ هولاكو بحربة، ووصل عقِب ذلك طائفةٌ من التّتار فنازلت ماردين فِي ثالث جُمادى الأولى، ولم يقاتلوا. وبقوا ستّة عشر يوما. وقيل إنّ هولاكو كان معهم. ثمّ التمسوا فتْح أبواب البلد ليدخلوا لشراء الأقوات وغيرها ويرحلون. ففتح لهم، فتردّدوا فِي الدّخول والخروج ثلاثة أيام، ثمّ صعدوا على سور ماردين، ودقّوا الطّبل، وهجموا البلد بالسّيف، فقاتلهم أهله ودَربُوا الشّوارع وطردوهم، فدام القتال شهرين إلى أن فتح لهم بعض مقدّمي البلد دربا فملكوه، ودخلوا منه إلى الجامع، وصعدوا المنابر، ورموا منها بالنّشّاب، فضعُف النّاس، واحتموا بالكنائس، وصعِد بعضهم إلى القلعة، وملكت التّتار البلد، ونصبوا المجانيق على القلعة، وهي ستّة، فلم يصل إلى القلعة منها إلّا ثلاثة أحجار.

[[موت الملك السعيد]]

واستمرّ الحصار إلى آخر السّنة، ووقع الوباء بالقلعة، فمات الملك


[١] الخبر باختصار في الدرّة الزكية ٤٦.