للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ كتاب طويل فيه مصائب. فلما كتبه الوزير قَالَ للقاضي يوسف بن يعقوب [١] : كلِّم المُعْتَضِد في هَذَا.

فَقَالَ له: يا أمير المؤمنين، أخاف الفتنة عند سماعه.

فَقَالَ: إنْ تحرَّكت العامةُ وضعتُ السيف فيها.

قَالَ: فما نصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك؟ وَإِذَا سمع النَّاس هَذَا من فضائل أهل البيت كانوا إليهم أمْيل وصاروا أبسطَ ألْسنة [٢] .

فأمسك المُعْتَضِد.

[ذكر الخادم وظهوره على المُعْتَضِد]

وفيها ظهر في دار المُعْتَضِد شخص، في يده سيف مسلول، فقصده بعض الخدم فضربه بالسيف فجرحه، واختفى بالبُستان. وطُلب فلم يوجد له أثر.

فعظُم ذلك على المُعْتَضِد، وقيل هُوَ من الجن. وساءت الظُّنون. وأقام الشخص يظهر مرارًا ثُمَّ يختفي [٣] . ولم يظهر خبره حَتَّى مات المُعْتَضِد والمكتفي، فَإِذَا هُوَ خادم أبيض كان يميل إلى بعض الجواري التي في الدُّور [٤] .

وكان منْ بلغَ من الخُدّام يُمنعون من الحرم، وكان خارج دور الحرم بستان كبير، فاتّخذ هَذَا الخادم لحية بيضاء، فبقي تارةً يظهر في صورة راهب، وتارة يظهر بزيّ جنْديّ بيده سيف، واتخذ عدّة لِحًى مختلفة الهيئات [٥] ، فَإِذَا ظهر خرجت الجارية مع الجواري لتراه- يعني ليخلو بها بين الشجر- فيحدِّثها خلسة. فَإِذَا طُلب دخل بين الشجر ونزع اللحية والبُرْنُس ونحو ذلك، وخبّأها،


[١] سبق أن أشرت إلى أن اسم القاضي في المنتظم هو: «محمد بن يوسف بن يعقوب» .
[٢] انظر: تاريخ الطبري ١٠/ ٦٣، والعبر ٢/ ٧٢، ودول الإسلام ١/ ١٧١، وتاريخ ابن الوردي ١/ ٢٤٤، ومرآة الجنان ٢/ ٢٠٢، والبداية والنهاية ١١/ ٧٦، وتاريخ الخميس ٢/ ٣٨٤، والنجوم الزاهرة ٣/ ١١٣، ١١٤، وتاريخ الخلفاء ٣٧١.
[٣] الخبر حتى هنا في:
تاريخ الطبري ١٠/ ٦٣، ٦٤، والكامل ٧/ ٤٨٦، ومروج الذهب ٤/ ٢٦٠، والنجوم الزاهرة ٣/ ١١٤.
[٤] هذا الخبر انفرد به ابن الجوزي في: المنتظم ٥/ ١٧٢.
[٥] الخبر هنا يتّفق مع خبر المسعودي في: مروج الذهب ٤/ ٢٦٠.