للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوالد. وظهرت شجاعته وكفايته، وحسن سيرته [١] .

[[الفتنة بين جيش المستنصر العبيدي والعبيد والعربان]]

وفيها، وفي حدودها وقعت فتنة عظيمة بين جيش المستنصر العبيدي، فصاروا فئتين: فئة الأتراك والمغاربة، وقائد هؤلاء ناصر الدولة، أبو عبد الله الحسين بن حمدان [٢] ، من أحفاد [٣] صاحب الموصل ناصر الدولة بن حمدان، وفئة العبيد وعربان الصعيد. فالتقوا بكوم الريش [٤] ، فانكسر العبيد، وقتل منهم وغرق نحو أربعين ألفًا، وكانت وقعة مشهورة [٥] .

وقويت نفوس الأتراك، وعرفوا حسن نية المستنصر لهم، وتجمعوا وكثروا، فتضاعفت عدتهم، وزادت كلف أرزاقهم، فخلت الخزائن من الأموال، واضطربت الأمور، فتجمع كثير من العسكر، وساقوا إلى الصعيد، وتجمعوا مع العبيد، وجاءوا إلى الجيزة، فالتقوا هم والأتراك عدة أيام، ثم عبر الأتراك إليهم النيل مع ناصر الدولة بن حمدان، فهزموا العبيد [٦] .

ثم إنهم كاتبوا أم المستنصر واستمالوها، فأمرت من عندها من العبيد بالفتك بالمقدمين، ففعلوا ذلك، فهرب ناصر الدولة، والتفت عليهم الترك، فالتقوا، ودامت الحرب ثلاثة أيام بظاهر مصر، وحلف بن حمدان لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعامًا حتى ينفصل الحال. فظفر بالعبيد، وأكثر القتل فيهم،


[١] الكامل في التاريخ ١٠/ ٧٨، ٧٩، تاريخ الزمان ١١٣، ١١٤، نهاية الأرب ٢٦/ ٣٢١، تاريخ دولة آل سلجوق ٥٠، ٥١، المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٨٩، تاريخ ابن الوردي ١/ ٣٧٦، البداية والنهاية ١٢/ ١٠٦.
[٢] في الكامل ٨/ ١١٥ (طبعة الدار) هو: «ناصر الدولة أبو علي الحسن بن حمدان» ، وكذا في طبعة صادر ١٠/ ٨٠ وفي نهاية الأرب (المخطوط) «الحسين» ، وفي المطبوع ٢٨/ ٢٢٦ «الحسن» ، ومثله في: اتعاظ الحنفا ٢/ ٢٧٣.
[٣] في الكامل: «من أولاد» .
[٤] في: أخبار مصر ١٣، والنجوم الزاهرة ٥/ ١٨ «كوم شريك» ، بفتح الشين وكسر الراء، هي اليوم إحدى قرى مركز كوم حمادة بمديرية البحيرة. (المواعظ والاعتبار ١/ ١٨٣، القاموس الجغرافي ج ٢ ق ٢/ ٣٣٩) .
[٥] يجعل النويري هذه الحوادث في سنة ٤٥٩ هـ-. (نهاية الأرب ٢٨/ ٢٢٧) .
[٦] اتعاظ الحنفا ٢/ ٢٧٤ (حوادث سنة ٤٥٩ هـ-.)