جاءت الأخبار بافتتاح أنْطَرَطُوس وقتل من بِها من الفرنج، وأُمِّن بعضُهم وافتتح نور الدّين عدَّة حصون صِغار. وظفر أهل عسقلان بفرنج غزَّة وقتلوا [١] .
[[دخول نور الدين دمشق]]
ومن سنة سبع وأربعين وخمسمائة، في أوّلها قدِم شيركوه رسولا من نور الدّين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقِّيه. وتردّدت المراسلات، ولم يتّفق حال. ثمّ أقبل نور الدّين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف عَلَى البلد، فوقعت مناوشة، ثمّ زحف يوما آخر، فلمّا كَانَ في عاشر صفر باكَرَ الزَّحف، وتهيَّأ لصدْق الحرب، وبرز إِلَيْهِ عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشّرقيّة من عدّة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حَتَّى قربوا من سور باب كيسان والدّبّاغة، وليس عَلَى السّور آدميّ، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرَع بعض الرَّجّالة إلى السّور، وعليه يهوديَّة، فأرسلت إِلَيْهِ حَبْلًا، فصعِد فيه، وحصل عَلَى السّور، ولم يدرِ بِهِ أحد، وتبِعه مَن تَبِعه، ونصبوا علما وصاحوا: نور الدّين يا منصور.
فامتنع الْجُنْد والرّعيّة من الممانعة محبّة في نور الدّين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشّرقيّ، فدخل العسكر. وفتح باب توما، ودخل الجند، وثمّ دخل نور الدّين، وسرّ الخلق.
[١] ذيل تاريخ دمشق ٣١٨، تاريخ الزمان ١٦٨، كتاب الروضتين ١/ ٢١٥، ٢١٦، مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ٢١٣، عيون التواريخ ١٢/ ٤٥٣.