للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استيلاء التَّتَار عَلَى القفجاق]

وفيها استولت التَّتَار عَلَى بلاد القَفْجَاق [١] .

[[خروج غياث الدين لقتال جلال الدين]]

وفيها، أَوْ في حدودها، بلغ جلال الدّين ابن خُوَارِزْم شاه أَنَّ شمس الدّين أيتمش قاصده في ثلاثين ألف فارس ومائة ألف راجل، فتجلَّد جلال الدّين عَلَى مُلتقاه، وسار، وقدَّم قُدّامه جهان بهلوان أُزبك، فخالفه يَزَكُ أيتمش فهجم عَلَى جماعة منهم، وحضر إلى جلال الدّين من أعلمه، ثُمَّ وصل بعد ذَلِكَ رَسُول أيتمش يطلب الصُّلح وَيَقُولُ: لَيْسَ يخفى عليك ما وراءنا من عدوّ الدّين وَأَنْتَ سلطان المُسلمين وابن سلطانهم، وَإنْ رَأَيْت أنْ أزوّجك ابنتي. فمال السُّلْطَان جلال الدّين إلى ذَلِكَ ولم يضرّ من ذَلِكَ حاله.

ثُمَّ جاءته الْأخبار أَنَّ أيتمش وقباجة وسائر ملوك الهند قد اتّفقوا عَلَى جلال الدّين، وأن يُمسكوا عَلَيْهِ حافَّة البَحْر، فعظُم ذَلِكَ عَلَيْهِ، واستناب جَهان عَلَى ما ملكه من الهِنْد، وسار إلى العراق وقاسي الشَّدائد والمشاقّ في تِلْكَ البراري الّتي بين الهند وكَرْمان، فوصل في أربعة آلاف منهم من هُوَ راكب البَقَر والحمير وَذَلِكَ في سنة إحدى وعشرين وستّمائة. ثُمَّ قدِم شيراز فأتاه الْأتابك علاء الدّولة مُذْعنًا بالطّاعة، لأنّه كَانَ قد استوحش من أخيه غياث الدّين، فرغب جلال الدّين فيه، وخطب بنته، فزوّجه بها، واستظهر جلال الدّين بمصاهرته. ثُمَّ رحل إلى أصبهان ففرحوا بقدومه، وأخرجوا لَهُ الخيل والسِّلاح، فَلَمَّا بلغ غياث الدّين توسُّطُه في البلاد ركب إِلَيْهِ في ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدّين عند ذَلِكَ آيسا ممّا كَانَ يؤمّله، وسيَّر إلى غياث الدّين رسولا يَقُولُ: «حَتَّى ضاقت عَليّ الأرض بما رحبت، قصدتك لأستريح عندك أيّاما، وحيث علمت أَنَّ ما عندك للضّيف غير


[ () ] والمختار من تاريخ ابن الجزري ١١٥.
[١] انظر: الكامل في التاريخ ١٢/ ٤٠٦، وقد ذكر المؤلّف- رحمه الله- العبارة نفسها في: المختار من تاريخ ابن الجزري ١١٥، وانظر: مفرّج الكروب ٤/ ١٠٨.