للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دخول ابن بُوَيْه بغداد ومبايعته الخليفة]

وفيها قصد مُعزّ الدّوله أَحْمَد بن بُوَيْه بغداد، فلمّا نزل باجِسْرى [١] استتر المستكفي وابن شيرزاد، وتسلّل الأتراك إلى الموصل، وبقي الدَّيْلم ببغداد، وظهر الخليفة. فنزل معز الدّولة بباب الشماسيّة، وبعث إليه الخليفة الإقامات والتُحف. فبعث مُعز الدّولة يسأله في ابن شيرزاد، وأن يأذن له في استكتابه.

ودخل في جُمَادَى الأولى دار الخلافة، فوقف بين يدي الخليفة، وأخذت عليه البَيْعة بمحضر الأعيان. ثمّ خلع الخليفة عليه، ولقبة «مُعِزّ الدّولة» [٢] ، ولقّب أخاه علّيًا «عماد الدّولة» وأخاهما الحسن «رُكْن الدّولة» . وضُربت ألقابهم على السّكّة [٣] .

ثمّ ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمُعزّ الدّولة، وقرر معه أشياء منها: كلّ يوم برسم النَّفقة للخليفة خمسة آلاف درهم فقط [٤] .

[عناية ابن بُوَيْه بالشباب]

وهو أوّل مَن ملك العراق من الدَّيْلم. وهو أوّل من أظهر السُعاة ببغداد ليجعلهم فُيوجًا بينه وبين أخيه رُكنِ الدّولة إلى الري. وكان له ركائبيان: فضل، ومرعوش، فكان كل واحد يمشي في اليوم ستة وثلاثين فرسخا، فغرى بذلك شبابُ بغداد وانهمكوا فيه. وكان يُحضر المصارعين بين يديه في الميدان ويأذن للعوّام، فمن غلب خَلعَ عليه. وشرع في تعليم السّباحة، حتى صار السّبّاح يسبح وعلى يده كانون فوقه قِدْره، فيسبح حتّى ينضج اللحم [٥] .


[١] باجسرى: بكسر الجيم وسكون السين، وراء، والقصر: بلدة في شرقيّ بغداد، بينها وبين حلوان، على عشرة فراسخ من بغداد. (معجم البلدان ١/ ٣١٣) .
وفي الأصل: «باجسراي» .
[٢] الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٦.
[٣] تكملة تاريخ الطبري ١/ ١٤٨، تجارب الأمم ٢/ ٨٤، ٨٥، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢/ ١٦٧، تاريخ الأنطاكي ٥٢، ٥٣، المنتظم ٦/ ٣٤٠، الكامل في التاريخ ٨/ ٤٤٩، ٤٥٠، البداية والنهاية ١١/ ٢١٢، النجوم الزاهرة ٢/ ٢٨٤، ٢٨٥.
[٤] في تكملة تاريخ الطبري ١/ ١٤٨ «وقرر المستكفي في كل يوم خمسين ألف درهم لنفقته» ، والمثبت يتفق مع: الكامل في التاريخ ٨/ ٤٥٠.
[٥] المنتظم ٦/ ٣٤١، البداية والنهاية ١١/ ٢١٣، النجوم الزاهرة ٣/ ٢٨٥.