للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حراميَّة بغداد]

وكان البلاء شديدًا ببغداد من الحراميَّة وأذِيّتهم، ثمّ صُلِب جماعة منهم، فسكن النّاس قليلًا [١] .

[قدوم المناظر النيسابوريّ بغداد]

وقدِم السّلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ الحنفيّ أحد الكِبار والمناظرين.

قال ابن الجوزيّ [٢] : جالسْتُه مدَّةً، وسمعت مجالسه كثيرًا، وجلس بجامع القصر. وكان يلعن الأشعريّ جَهرًا على المنبر ويقول: كُنْ شافعيًا ولا تكن أشعريًّا، وكُنْ حنفيًّا، ولا تكن معتزليّا، ولا تكن حنبليًّا ولا تكن مُشَبِّهًا. وما رأيت أعجب من الشّافعيَّة، يتركون الأصل ويتعلّقون بالفرع.

وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشَّطَرَنْج نقلًا [٣] . وقد جلس في رجب في دار السّلطنة، وحضر السّلطان مجلس وعْظه. وكان قد كُتِب على باب النّظاميَّة اسم الأشعريّ، فتقدَّم السّلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشّافعيّ.

وكان أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ يجلس ويعظ في رِباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعريّ، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغَزْنَويّ [٤] إلى السّلطان وأخبره بالفِتَن وقال: إنّ أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رُجم ببغداد مِرارًا، والصّواب إخراجه. فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ إلى وطنه [٥] .


[ () ] ومفرّج الكروب ١/ ٣٢، وتاريخ ابن سباط ١/ ٧٥، ٧٦، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٤٤، والدرّة المضيّة ٥٣٨، والبداية والنهاية ١٢/ ٢١٨ والكواكب الدرّية ١١٥.
[١] المنتظم ١٠/ ١٠٥، ١٠٦ (١٨/ ٣٠، ٣١) ، الكامل في التاريخ ١١/ ٩٥، مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ١٨٣.
[٢] في المنتظم ١٠/ ١٠٦ (١٨/ ٣١) .
[٣] هكذا في الأصل. وفي المنتظم: «زاد في الشطرنج بغلا، والبغل مختلط النسب ليس له أصل صحيح» ، ومثله في: مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ١٨٣.
[٤] في الأصل: «الغنوي» ، والتصحيح من: المنتظم، وسيأتي مصحّحا لاحقا.
[٥] إلى هنا الخبر في المنتظم، وفيه قصيدة لم يثبتها المؤلّف الذهبي- رحمه الله- هنا.