للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صار لَهُ بالخطبة، جاءه عند محمد، وقرّر مَعَ أخيه أن لَا يتعرَّض لصَدَقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودممًا، والفَلُّوجة، وأعطاه واسط، وأذن لَهُ في أخْذ البصرة، فصار يدلّ عَلَى السّلطان الإدلال الَّذِي لَا يحتمله، وإذا وقّع إليه زاد [١] التوقيع، وطال مُقام الرَّسُول عَلَى مواعيد لَا يُنْجزها، وأوحش أصحاب السّلطان، وعادى البُرْسُقيّ. وكان أيضًا قد أظهر سبّ الصّحابة بالحِلّة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما [٢] يجب عَلَى من سبّ، وكتب المَحَاضِر فيما يتمّ في بلاد ابن مَزْيَد مِن تَرْك الصَّلَوات، وأنّهم لَا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرَّمات. فكتب الفُقهاء بأنّه يتعيَّن قتالهم.

ثمّ قصد العميد باب السّلطان وقال: إنّ حال ابن مَزْيَد قد عظُمَت، وقد قلّت فكرته في أصحابك، واستبدّ بالأموال، وأراه الفَتْوَى وقال: هذا سُرْخاب قد لجأ إِليْهِ، وهو عَلَى غاية مِن بِدْعته الّتي هِيَ مذهب الباطنيّة. وكانا قد اتّفقا عَلَى قلب الدّولة، وإظهار مذهب الباطنيّة.

[احتماء سُرْخاب بابن مَزْيَد]

وكان السّلطان قد تغيّر عَلَى سُرخاب، فهرب منه إلى الحِلّة، فتلقّاه [دُبَيْس] [٣] بالإكرام، فراسله السّلطان، وطالبه بتسليم سُرخاب، فقال: لَا أسلَّم من لجأ إليَّ [٤] ، وإنّ السّلطان قَصَده. فاستشار أولاده، فقال ابنه دُبَيْس: تُسلّم إليَّ مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرّد معي ثلاثمائة فارس، فإنّي أقصد باب السّلطان، وأعتذر عنك، وأخدمه بالمال والخيل، ويقرّر معه أن لَا يتعرَّض لأرضك.

فقال غيره: الصّواب أن لَا تُصانع مِن تغيَّرت [٥] فيك نيتّه. فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمّت وقعة هائلة، ثمّ قُتِل صدقة. وقد مرّ ذلك [٦] .


[١] في المنتظم ٩/ ٢٣٦ (١٧/ ٢٠٨) : «رد» .
[٢] في المنتظم: «مما» .
[٣] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[٤] الفخري ٣٠٢.
[٥] في المنتظم: «تغير» .
[٦] المنتظم ٩/ ٢٣٦، ٢٣٧ (١٧/ ٢٠٨، ٢٠٩) .