للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أَبُو شامة: وهذا الَّذِي ذكره أَبُو الحَكم من عجائب ما اتّفق. وقد تكلّم عَلَيْهِ شيخنا السخَاوي فقال: وقع فِي «تفسير» أَبِي الحَكَم أخبار عَن بيت المقدس، وأنّه يُفْتَح فِي سنة ثلاثٍ وثمانين. قال: فقال لي بعض الفُقهاء: إنّه استخرج ذلك من فاتحة السُورة. فأخذتُ السُورةَ، وكشفتُ عَن ذلك، فلم أره أخَذَ ذلك من الحروف، وإنّما أخذه فيما زَعَم من غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ ٣٠: ٢- ٤ [١] فبنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجّمون، ثمّ ذكر أنّهم يغلبون فِي سنة كذا، وفي سنة كذا، على ما تقضيه ووافر التّقدير. وهذه نجامة وافقت إصابة إنْ صحّ أنّه قَالَ ذلك قبل وقوعه، وليس ذلك من الحروف، وَلَا هُوَ من قبيل الكرامات. فإنّ الكرامات لَا تُكْتَسَب، وَلَا تفتقر إلى تاريخ، ولذلك لم يوافق الصّواب لمّا أراد الحساب على القراءة الأخرى الشّاذّة وهي (غَلَبَتْ) بالفتْح، ولو صحّ ذلك، لأنّه قَالَ فِي سورة القَدْر: لو عُلِم الوقتُ الَّذِي نزل فِيهِ القرآنُ لعُلِم الوقتُ الَّذِي يُرفع فِيهِ. فهذا ما ذكره.

[كتاب فاضلي بإبطال المكس بالرَّقة]

ومن كِتَاب إلى الدّيوان: أشقى الأمراء من سمّن كيسه وأهزل الخلْق، وأبعدهم مِن الحقّ من أخذ المكْس وسمّاه الحقّ. ولمّا فتحنا الرِّقة أشرفنا على سُحْتٍ يؤكل، وظُلْمٍ ممّا أمَرَ اللَّه أن يُقْطَع، وأمر الظّالمون أن يوصل، فأوحَينا إلى كافّة الولاة من قِبَلنا أن يضعوا هذه الرسوم بأسرها، ويكفوا الرعايا من سائر أيّام مِلكتِه بأسرها، ونعتق الرّقّة من ربّها، وتُسَد هذه الأبواب وتُعطل، وتُنْسَخ هَذه الأمور وتُبْطَل، [وتبقى] [٢] ماهيّة الأحكام، وأئمّة الخلود، خالدة الدّوام، تامّة البلاغ، يانعة التّمام، ملعون من يطمح إليها ناظره.


[١] سورة الروم، الآيتان (٢ و ٣) .
[٢] في الأصل بياض.