للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حصار قلعة دمشق]

وفي سلخ الشهر كان قبجق قد سكن بدار السعادة، ويذهب إليها من خان الغرباء، فرموا عليه بالمنجنيق وبالنّار من القلعة، فوقع فيها الحريق [١] ، وابتُدئ يومئذٍ بحصار قلعة دمشق من داخل البلد وخارجه. ودخل المغل للحصار، وملئوا باب البريد إلى الظاهرية الى ناحية الخاتونيّة وحارة البلاطة.

وباتوا هناك. وعُملت هذه الأيام المجانيق للتتار بجامع دمشق، وقُطِّعت لها الأخشاب النفيسة من الغيظة [٢] ، وأحضرت الأعواد الكبار إلى الجامع، وبات التُّرك لِحفظها. وكُسِرت دكاكين باب البريد ونُهبت، وتحول فِي اللّيل جميع أهل تلك النواحي من الأسطحة، وذهبت أموالهم وأقواتهم، وتعثروا وقاسوا الشدائد، ولم يبق بذاك الخطّ دَيّار من أهله. ونُهبت دار للسُكَّر يومئذٍ وأبادتها الحرافشة [٣] .

إنفاق السلطان فِي شراء الخيل

وأمّا الجيوش فدخلت القاهرة وأنفق فيهم السلطان، وشرعوا فِي شراء الخيل والعُدَد. وغَلَت هذه الأشياء حَتَّى أُبيع الْجَوْشن الَّذِي بعشرة بمائة درهم [٤] ونحو ذَلِكَ.

وكانت نفقة عظيمة لم يُعهد مثلها، ولا سيّما فِي الشاميين. ولعلّها تجاوزت ألف ألف دينار، وأُزيحت عِلَل الجيش بكلّ ممكن. واحتفل سلّار لذلك، واجتهد بكلّ ممكن هو وكبار الأمراء، وبعثوا قصادا يكشفون لهم خبر الشام وبذلوا لهم ذهبا كثيرا [٥] .


[١] المقتفي ٢/ ورقة ٨ ب.
[٢] كذا. والمراد: «الغيضة» .
[٣] تاريخ ابن سباط ١/ ٥٢٠، المقتفي ٨٢/ ورقة ٨ ب و ١٠ ب، السلوك ج ٣١/ ٨٩٢ ٨٩٣، عقد الجمان (٤) ٤١، ٤٢.
[٤] في المقتفي ٢/ ورقة ٨ ب: «يبلغ ثمنه إلى مائتي درهم» .
[٥] المقتفي ٢/ ورقة ٨ ب، النفحة المسكية، ورقة ٤٥، نزهة المالك والمملوك، ورقة ١٢٠،