قال أبو منصور: قال لي العبادي يوما: يا أبا منصور، أشتهي توتا شاميّا وثلجا، فإنّ حلقي قد تغيّر، فعبرت إلى الجانب الغربي ولي فيه بساتين، فطفت واجتهدت، فلم أجد شيئا، فرجعت إليه قبيل الظهر إلى داري، وكان نازلا ببيت منها منفرد، فقلت لأصحابه: من جاء اليوم؟ قالوا: امرأة قالت: قد غزلت غزلا، وأحبّ أن تقبل منّي ثمنه، فأخبرناه، فقال: ليس لي عادة بذلك. فجلست تبكي، فرحمها، وقال: قولوا لها اذهبي فاشتري لنا به شيئا، فقالت: ما الّذي أشتري؟ فقال: ما يقع في نفسها، فخرجت فاشترت توتا شاميّا وثلجا وجاءت به. قال أبو منصور: دخلت عليه يوما، فقال لي: يا أبا منصور، قد أحببت أن تعمل لي اليوم دعوة. قال: فاشتريت الدجاج، وعقدت الحلوى، وغرمت أكثر من أربعين دينارا، فجلس يفرّقه وجعل يقول: احمل إلى الرباط الفلاني كذا وكذا ولم يتناول منه شيئا. قال: ورأى في انقباضا لأجل ذلك، فغمس إصبعه الصغرى في الحلوى. وقال: يكفي هذا، ولم يأكل من خبز بغداد، وكان معه طعام قد حمله من بلده مرو فكان يأكل منه. قال: وكنت أرصده، فكان يصلّي العشاء الآخرة ويتقلّب على فراشه طول الليل، ثم يقوم فيصلّي الفجر بذلك الوضوء. حكى عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين، قال والدي: دخلت على العبادي وهو يشرب مرقة، فقلت في قلبي: ليته أعطاني فضلته وقال: اشربها على تلك النّيّة، فشربتها فحفظت القرآن. ثم إنه خرج من بغداد، وسببه أنه تكلّم في الربا وبيع القراضة بالصحيح، فأنكر ذلك، فمنع من الجلوس وأمر بالخروج من البلد، فخرج إلى مرو، وأقام بها إلى هذه السنة. (مرآة الزمان) . وقد وصفه الذهبي بأنّه «تالف» . (سير أعلام النبلاء ١٩/ ١٨٦) . [١] لم أجد مصدر ترجمته.