للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ستّ عشرة وستّمائة

[موت خُوَارِزْم شاه]

فيها وصلَ الخبر بانجفال السّلطان خوارزم شاه عن جيحون، فاضطربت مدينة خُوَارِزْم، وقلقت خاتون والدة السّلطان، وأمرت بقَتْل من كَانَ معتقلا بخوارزم من المُلوك، وَكَانَ بها نحو عشرين مَلِكًا، وخرجت من خُوَارِزْم ومعها خزائن السّلطان وحُرَمه، وساقت إلى قلعة إيلال بمازنْدران، ثُمَّ أُسِرت. وأما السلطان فَإِنَّهُ لم يزل مُنهزمًا إلى أنْ قدِمَ نَيْسَابُور، ولم يُقم بها إِلَّا ساعة واحدة رُعْبًا من التّتار، ثُمَّ ساق إلى أنْ وصلَ إلى مرْج هَمَذَان ومعه بقايا عسْكَره نحو عشرين ألفا، ولم يشعر إِلَّا وقد أحدَق بِهِ العدوّ، فقاتلَهُم بنفسه، وشمل القَتْل كلّ من كَانَ في صحبته، ولجأ في نَفَرٍ يسير إلى الجبل، ثُمَّ منها إلى الاستدار وَهِيَ أمنع ناحية في مازندران، ثُمَّ سارَ إلى حافّة البحر، وأقام بقرية يُنَوِّر المسجدَ ويصلِّي فيه إماما بجماعة، ويقرأ القرآن، ويبكي، فلم يلبث حَتَّى كَبَسه التّتار، فهربَ، ورِكبَ في مركبٍ، فوقع فيه النّشّاب، وخاضَ خلفه طائفةٌ، فصدَّهُم عمق الماء عن لحوقه، فبقي في لُجَّةٍ ولحِقتْه عِلَّة ذات الْجَنْب، فَقَالَ: سبحان اللَّه مالك الملوك لم يبق لنا من مملكتنا مَعَ سعتها قدْر ذراعين نُدفن فيها، فاعتبروا يا أُولي الْأبصار. فَلَمَّا وصل إلى الجزيرة الّتي هناك، أقام بها طريدا وحيدا، والمرض يزدادُ بِهِ، ثُمَّ مات وكُفّن في شاش فَراش كَانَ معه، في سنة سبْع عشرة [١] .

[[تخريب أسوار القدس]]

وفي أَوَّل السنة أخْرَب المُعَظَّم أسوارَ القدس خوْفًا من استيلاء الفرنج عَلَيْهِ، وقد كَانَ يومئذٍ عَلَى أتمِّ العمارة وأحسن الْأحوال وكَثْرَة السّكّان [٢] .


[١] انظر خبر (موت خوارزم شاه) في: الكامل في التاريخ ١٢/ ٣٦٩، ٣٧٠، وستأتي ترجمته في وفيات سنة ٦١٧ هـ. برقم (٤٧٨) وأحشد هناك مصادرها.
[٢] انظر عن (تخريب أسوار القدس) في: ذيل الروضتين ١١٥، ومفرّج الكروب ٤/ ٣٢، والدرّ